لم تزل ضمائر آل حرب ترشح سمّا ، ما ذكر هاشميّ إلّا نضنضوا (١) ليلسعوه. [٨١ / ب] كانت عداواتهم علّة السّرطان كلّما مسّت بحديد الحدود تقرّحت. ظهرت يوم بدر ، واستحكمت يوم أحد ، وانتشرت يوم الأحزاب ، وقهرت يوم الفتح. فما تحرّك منها إلّا عرق. لقد أصبح ملك ابن أخيك عظيما (٢) ، ومالي ولبني فلان. كما قمعها خوف هرقل فلم يظهر منها إلّا تألمّ ، ونحن منه في مدّة وأنين. لقد «أمر أمر ابن أبي كبشة» (٣) ثمّ أماتها حرّ الخوف ، ومرهم (٤) الطّمع. فلمّا برد الخوف وسقط المرهم ، وتحرّك برد التّرف ، هاجت فعادت جذعة (٥) قطعت بالإياس الأمل ؛ فطغت في صفّين (٦) والجمل (٧) ، وأعادت الكرب والبلاء فأجهزت على يزيد بكربلاء (٨) عجبا لها (٩) ، ما محّت حتّى محت رسومهم ، ولا اندرست حتّى درست (١٠) جسومهم ، لم يحي ملكهم
__________________
(١) النضنضة : تحريك الحيّة لسانها.
(٢) قول أبي سفيان للعبّاس عم النبي صلىاللهعليهوسلم ، وهو في السيرة النبوية لابن هشام ٢ / ٤٠٢.
(٣) المثل في اللسان كبش «وقد جاء في حديث أبي سفيان وهرقل» ، وابن أبي كبشة هو الرسول صلىاللهعليهوسلم وهي كنية أبيه من الرضاعة. انظر الروض الأنف ٢ / ٢٢٨.
(٤) في ت وط : ومدّهم.
(٥) أي جديدة كما بدأت.
(٦) صفّين : موضع بقرب الرقة على شاطئ الفرات كانت فيه وقعة صفين بين علي رضياللهعنه ومعاوية سنة ٣٧ ه. انظر وقعة صفين للمنقري.
(٧) وقعة الجمل : وهي التي جرت بين علي بن أبي طالب رضياللهعنه وعائشة أم المؤمنين ومن قام معها. وكانت سنة ٣٦ ه وانتهت بانتصار علي وجيشه.
(٨) كربلاء : موضع في طرف البرية عند الكوفة وفيه قتل الحسين بن علي رضياللهعنه. انظر ياقوت ٤ / ٤٤٥.
(٩) في ت وط : منها.
(١٠) ـ في ت : أدرست.