وأمّا الوقوف بعرفة (١) : فالخروج إليه يوم التّروية ثامن ذي الحجّة ، سمي بذلك لأنّهم كانوا يحملون فيه الماء (٢) من مكّة لسقي الحجّاج (٣) بمنى ، ويقولون : روي الحاج. يخرجون من مكّة بقدر ما يصلون إلى منى مع صلاة الظّهر ، فيصلّون بها الظّهر ، والعصر ، والمغرب ، والعشاء ، والصّبح. ثم يغدون بعد طلوع الشّمس إلى عرفة. وقد تقدّم أنّ العادة اليوم الإدلاج (٤) إليها ، وبها يصلّون (٥) الصّبح ، ولم ير مالك على من لم يبت في هذه الّليلة دما ؛ فإذا زالت الشّمس فليجمع مع النّاس بين الظّهر والعصر ، وليغتسل في موضعه قبل الرّواح ويجزيء في [١٠٣ / ب] الوقوف حيث كان من عرفة إلّا بطن عرفة ، وقد مضى ذكره.
والوقوف مع الإمام وبالوضوء أفضل. وكره مالك ترك الموقف والوقوف على جبال عرفة وقال : «الموقف كلّه سواء» (٦) وقد مضى ذكر توقّفه فيمن وقف بمسجد عرفه.
والوقوف راكبا أفضل للقادر ، وهو السّنّة ، قال اللّخميّ : إلّا أن يضرّ بالدّواب (٧) للنّهي أن تتّخذ ظهورها كراسي. ويقف الرّاجل فإذا ملّ فلا بأس أن يستريح بالقعود ، واختلف قول مالك في المارّ بعرفة في وقت الوقوف ولم
__________________
(١) انظر تفصيل ذلك في بداية المجتهد ١ / ٢٥٣ ـ ٢٥٥.
(٢) في ت وط : الماء فيه.
(٣) في ت وط : الحاج.
(٤) الإدلاج : السير في الليل.
(٥) في ت : يطوف : وهو تصحيف.
(٦) الموطأ : ٢٦٨.
(٧) وقاله مالك في الموطأ ٢٦٩.