سبيل الله. وإذا مات العالم انثلمت في الإسلام ثلمة (١) إلى يوم القيامة لا يسدّها إلّا خلف مثله ، وطالب العلم تشيّعه الملائكة من السّماء».
وقرأت عليه فيها بسنده إلى الحارث الأعور (٢) عن عليّ أيضا قال : قيل لرسول الله صلىاللهعليهوسلم : إنّ أمّتك ستفتتن من بعدك ، فسئل رسول الله صلىاللهعليهوسلم : ما المخرج من ذلك؟ قال : «كتاب الله الّذي (لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ)(٣) من ابتغى العلم في غيره أضلّه الله ، ومن ولي هذا الأمر من جبّار فحكم بغيره قصمه الله ؛ هو الذّكر الحكيم ، والنّور المبين ، والصّراط المستقيم ؛ فيه خبر ما قبلكم ، ونبأ ما بعدكم ، وحكم ما بينكم ؛ وهو الفصل ليس بالهزل ؛ وهو الّذي سمعته الجنّ فلم تتناه أن (فَقالُوا إِنَّا سَمِعْنا قُرْآناً عَجَباً يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ)(٤) لا يخلق على طول الرّدّ ، ولا تنقضي عبره ، ولا تفنى عجائبه» (٥) ثمّ قال للحارث : خذها يا أعور.
وأنشدني ـ حفظه الله ـ لنفسه : (٦) [الطّويل]
[١٧ / آ]أرى العمر يفنى والرّجاء طويل |
|
وليس إلى قرب الحبيب سبيل |
حباه إله الخلق أحسن سيرة |
|
فما الصّبر عن ذاك الجمال جميل (٧) |
__________________
(١) الثلمه : الخلل في الحائط وغيره.
(٢) هو الحارث بن عبد الله بن كعب بن أسد بن نخلة الهمداني : فقيه كان له قول في الفتيا ، وكان صاحب عليّ كرّم الله وجهه انظر ابن أبي الحديد : ٥ / ٢٢٧.
(٣) سورة فصّلت : ٤٢.
(٤) سورة الجنّ : ١ و ٢.
(٥) أخرجه الترمذي في ثواب القرآن ، باب فضل القرآن ، رقم ٢٩٠٨ ، وأبو نعيم في الحلية ٥ / ٢٥٣ ، والدّارمي : ٢ / ٤٣٥ ، والشفا لعياض : ١ / ٣٩٢ ، والمصنف لابن أبي شيبة : ١٠ / ٤٨٢.
(٦) الأبيات في درّة الحجال : ٢ / ١٨ ، ونفح الطيب : ٤ / ٣٤٠ ، وأنس الساري والسارب : ١٢٤.
(٧) في درّة الحجال : إله العرش ، وقد ضمّن الشاعر أوائل الأبيات اسم أحمد صلىاللهعليهوسلم.