شبها به الأنعام. كذلك يموت العلم بموت حامليه (١). ثم قال : اللهمّ! بلى لا تخلو الأرض من قائم [لك](٢) بحجّة إمّا ظاهرا مشهورا ، وإمّا خافيا مغمورا ، لئلّا تبطل حجج (٣) الله وميثاقه ؛ وكم وأين أولئك الأقلّون عددا ، والأعظمون قدرا؟ بهم يحفظ الله حججه حتّى يودعها في قلوب أشباههم ، هجم بهم العلم على حقائق الأمور ، فباشروا روح اليقين فاستلانوا ما استوعر المترفون ، وأنسوا بما استوحش منه [١٦ / ب] الجاهلون ؛ صحبوا الدّنيا بأبدان أرواحها معلّقة بالملكوت الأعلى ؛ يا كميل! أولئك خلفاء الله في أرضه والدّعاة إلى دينه. هاه هاه شوقا إليهم وإلى رؤيتهم! واستغفر الله لنا ولهم ، انصرف إذا شئت»(٤).
وقرأت عليه فيها بسنده إلى عليّ أيضا ، قال : «إنّ من حقّ العالم ألّا تكثر عليه السّؤال ، ولا تعنته (٥) في الجواب ، ولا تلحّ عليه إذا كسل ، ولا تأخذ بثوبه إذا نهض ، ولا تشير إليه بيدك ، ولا تفشينّ له سرّا ، ولا تغتابنّ عنده أحدا ، ولا تطلبنّ عثرته ، فإن زلّ انتظرت أوبته ، وقبلت معذرته (٦) ، وأن توقّره وتعظّمه لله ، ولا تمشي أمامه ، وإن كانت له حاجة سبقت القوم إلى خدمته ، ولا تتبرّمنّ طول صحبته ، فإنّما هو بمنزلة النّخلة تنتظر ما سقط عليك منها منفعة ، وإذا جئت فسلّم على القوم وخصّه بالتّحية ، واحفظه شاهدا وغائبا. وليكن ذلك كلّه لله ، فإنّ العالم أعظم أجرا من الصّائم القائم المجاهد في
__________________
(١) في ت : حامله
(٢) ليست في الأصل.
(٣) في ت : حجّة الله.
(٤) ورد قول عليّ رضياللهعنه في نهج البلاغة ٤٩٥ وفي شرحه لابن أبي الحديد ٥ / ٤٣٤.
(٥) أعنته : سأله عن شيء أراد به اللّبس والمشقة عليه.
(٦) في ط : معذورته.