سماء العظمة والسؤدد.
بل إنه كلما زادت معارفه ، ونما إدراكه ، وتكاملت قواه ، يزداد قوة على اكتشاف المزيد من مزايا شخصية الرسول «صلىاللهعليهوآله» وأسرارها ، ويتأكد انبهاره بأنوارها ؛ فيجد نفسه مضطرا لمنحه المزيد من الحب ، ويقوي ارتباطه به ، ويضاعف حنينه إليه ، ولا يفضل شيئا في الوجود عليه.
بل هو يرفض أباه ، ليكون مع الذي تبناه.
وهذا دليل على صحة إيمان زيد ، وعلى عمق إدراكه لمفاهيم الإسلام ، ومدى تفاعله مع قيمه ، وانسجامه مع أحكامه وشرائعه ..
٣ ـ ومما يؤكد هذا الذي ذكرنا : أن حارثة بن شراحيل قد عرض على النبي «صلىاللهعليهوآله» ثلاثة خيارات ، تؤكد جميعها على : أن زيدا يواجه حالة من الإذلال في بقائه على الصفة التي هو عليها ، ويريد أبوه أن يخرجه منها ..
والخيارات الثلاثة هي : العتق ، والمفاداة ، والبيع (١).
وفي هذا تهيئة نفسية لزيد ليختار ـ حيث يصبح له الخيار ـ أن يكون إلى جانب أبيه ليتخلص من كل نظرات الاحتقار والاستصغار التي ربما توجه إليه ، يحس بلذعاتها ، ولسعاتها ، النظرات التي أنتجتها ظروف لم يكن لزيد أي دور ، أو أي خيار أو اختيار في صنعها.
٤ ـ إن مبادرة الرسول «صلىاللهعليهوآله» إلى الانتصار لزيد ،
__________________
(١) قد تقدمت المصادر التي ذكرت ذلك ، وراجع أيضا : تاريخ مدينة دمشق ج ١٠ ص ١٣٩ والإستغاثة ج ١ ص ٧٥ والطبقات الكبرى ج ٣ ص ٤٢.