قدمي نحوا من ميل وأقبل الناس رسلا رسلا ، فتنحيت فرقا من أصحابه ، فلما طلع في موكبه تصديت له تلقاء وجهه ، فلما ملأ عينيه مني أعرض عني بوجهه إلى الناحية الأخرى.
فتحولت إلى ناحية وجهه الأخرى ، فأعرض عني مرارا ، فأخذني ما قرب وما بعد ، وقلت : أنا مقتول قبل أن أصل إليه.
وأتذكر بره ورحمه فيمسك ذلك مني. وقد كنت لا أشك أن رسول الله «صلىاللهعليهوآله» وأصحابه سيفرحون بإسلامي فرحا شديدا لقرابتي منه.
فلما رأى المسلمون إعراض رسول الله «صلىاللهعليهوآله» عني أعرضوا عني جميعا ، فلقيني ابن أبي قحافة معرضا عني.
ونظرت إلى عمر يغري بي رجلا من الأنصار ، فقال لي : يا عدو الله ، أنت الذي كنت تؤذي رسول الله «صلىاللهعليهوآله» ، وتؤذي أصحابه ، قد بلغت مشارق الأرض ومغاربها في عداوته.
فرددت بعض الرد عن نفسي ، واستطال علي ورفع صوته حتى جعلني في مثل الحرجة من الناس يسرون بما يفعل بي.
قال : فدخلت على عمي العباس ، فقلت : يا عم ، قد كنت أرجو أن يفرح رسول الله «صلىاللهعليهوآله» بإسلامي لقرابتي وشرفي ، وقد كان منه ما رأيت ، فكلمه فيّ ليرضى عني.
قال : لا والله ، لا أكلمه كلمة أبدا بعد الذي رأيت منه.
فقلت : يا عمّي إلى من تكلني؟
قال : هو ذاك.
قال : فلقيت عليا رحمة الله عليه ، فكلمته ، فقال لي مثل ذلك.