بديل بن ورقاء في نفر من قومه الطريق (١).
ونقول :
إن ما قام به عمرو بن سالم وأصحابه ، من إخبار رسول الله «صلىاللهعليهوآله» بما جرى .. ليس من الأمور التي يمكن لقريش وبني بكر أن يتجاوزوها من دون اكتراث أو اهتمام .. بل هو بالنسبة إليهم وإليها قضية حاسمة ومصيرية ، تجعلهم بين خياري : البقاء والفناء ، والحياة والموت.
وهم يرون : أنهم إذا استطاعوا إخفاء ما جرى عن رسول الله «صلىاللهعليهوآله» ، أو التخلص من المسؤولية عنه ومن تبعاته ، فقد أفلحوا في الإبقاء على حالة الهدنة القائمة فيما بينهم وبين المسلمين .. ولعلهم يقدرون في وقت ما على استعادة بعض القوة لمواجهة رسول الله «صلىاللهعليهوآله» ، وربما يحلمون بأن ينتهي الأمر بحسم الأمور لمصلحتهم ..
وأما إن ظهر نكثهم للعهد ، واستمرت التحولات في هذا الاتجاه ، فسيخسرون المعركة مع المسلمين ، لأنهم لم يهيئوا لها ما يمنحهم ولو خيطا من الأمل ضعيفا بأي نصر ، مهما كان هزيلا وضئيلا ..
بل إنهم ليدركون : أن قدراتهم قد تضاءلت عما كانت عليه بدرجة كبيرة وخطيرة ، كما أن قدرات أهل الإسلام قد تنامت وكبرت ، بل تضاعفت ، ولا سيما بعد كسر شوكة اليهود في خيبر وسواها ، ثم ما جرى في مؤتة ..
__________________
(١) سبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ٢٠٣ عن ابن عقبة والواقدي ، ودلائل النبوة للبيهقي ج ٧ ص ١٠ والسيرة الحلبية ج ٣ ص ٧٢. وراجع : المغازي للواقدي ج ٢ ص ٧٩١ وشرح النهج للمعتزلي ج ١٧ ص ٢٦٢.