يتحدث أهل الري أني خرجت من عندهم مرجئا وأرجع إليهم رافضيا ، فقلت : فتنتظرني في مكانك؟ فقال : أفعل ، وخرجت فأتيت القبر عند غروب الشمس وأزمعت المبيت على القبر ، فسألت امرأة حضرت من بعض سدنة القبر : هل من جدير بالليل؟ فقالت : لا ، فاستدعيت منها سراجا وأمرتها بإغلاق الباب ونويت أن أختم القرآن على القبر ، فلما كان في بعض الليل سمعت قراءة فبدرت أنها قد أذنت لغيري ، فأتيت الباب فوجدته مغلقا فانطفأ السراج ، فبقيت أسمع الصوت ، فوجدته من القبر وهو يقرأ سورة مريم فقرأ (يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمنِ وَفْداً وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلى جَهَنَّمَ وِرْداً) [مريم : ٨٥ ـ ٨٦] ، وما كنت سمعت هذه القراءة ، فلما قدمت الري بدأت بأبي القاسم بن العباس بن الفضل بن شاذان فسألته هل قرأ أحد بذلك؟ فقال : نعم النبي صلىاللهعليهوسلم ، وأخرج لي قراءته صلىاللهعليهوسلم ، فإذا هو قرأ به عليهالسلام.
ذكر محمد بن جرير الطبري في تاريخه : أن عيسى بن محمد بن أبي خالد بينما هو فيه من عرض أصحابه منصرفه من معسكره إلى بغداد ورد عليه كتاب من الحسن بن سهل يعلمه فيه : أن أمير المؤمنين المأمون قد جعل علي بن موسى بن جعفر ولي عهده من بعده ، وذلك أنه نظر (١) في بني العباس وبني علي فلم يجد أحدا هو أفضل ولا أورع ولا أعلم منه ، وأنه سماه الرضا من آل محمد وأمره [بطرح] (٢) لبس السواد ولبس ثياب الخضرة ـ وذلك يوم الثلاثاء لليلتين خلتا من شهر رمضان سنة إحدى ومائتين ويأمره أن يأمر [من] (٣) قبله من أصحابه والجند والقواد وبني هاشم بالبيعة له وأن يأخذهم بلبس الخضرة في أقبيتهم وقلانسهم وأعلامهم ، ويأخذ أهل بغداد جميعا بذلك ، فلما أتي عيسى الكتاب دعا أهل بغداد على ذلك على أن يعجل لهم رزق شهر والباقي إذا أدركت الغلة ، فقال بعضهم : لا نبايع ، ولا نلبس الخضرة ولا تخرج هذا الأمر من ولد العباس ، وإنما هذا دسيس من قبل الفضل بن سهل ، فمكثوا بذلك أياما ، وغضب ولد العباس من ذلك واجتمع بعضهم وتكلموا فيه وقالوا : ونولي بعضنا وتخلع المأمون ، وكان المتكلم في هذا والمختلف فيه والمتقلد له إبراهيم ومنصور ابنا المهدي (٤).
__________________
(١) في الأصل : «وذلك تظهر».
(٢) ما بين المعقوفتين سقط من الأصل وزيد من التاريخ.
(٣) ما بين المعقوفتين سقط من الأصل وزيد من التاريخ.
(٤) انظر : تاريخ الطبري ١٠ / ٢٤٣.