ولما حملوا السلاح كتب شفيع اللؤلؤي بالخبر إلى الخليفة ، وعظمه ، وزعم أنه [إن] (١) لم يقتلا لفل على رؤساء الدولة وغيرهم ، فهاب ذلك السلطان وخاف الحجرية خوفا شديدا إلا أنه لم يثق بهم ، فتقدم إلى نازوك فقتلهما في الدار التي بشط المحرم التي كان ينزلها ابن الفرات لما ولي الوزارة ، ووجه برأسيهما إلى المقتدر في سفط ، وغرق جسديهما عند بن ظاهر ، ففعل ذلك شفيع ابن المقتدري ، فقلت في ذلك :
ذلل الدهر عز (٢) الفرات |
|
ورماهم بفرقة وشتات |
ليت أن الفرات غدوا جميعا |
|
قبل ما قد رأوه في الأموات |
فلعمري لراحة الموت خير |
|
من صغار وذلة في الحيات |
لم يزالوا للملك أنجم عز |
|
وضياء فأصبحت كاسفات |
قال : وقيل فيهم أيضا :
يا أيها اللحد الضنين بما له |
|
يحمي بتعطيب قليل نواله |
أوما رأيت ابن الفرات وقد أتى |
|
أدباره من بعد ما إقباله |
أيام تطرقه السعادة بالمنى |
|
وينال ما يهواه من آماله |
فحل من النعمى وأصبح يشتكي |
|
أقياده ألما إلى أغلاله |
وكذا الزمان بأهله متقلب |
|
فاسمح بما أعطيت قبل زواله |
ذكر القاضي أبو القاسم التنوخي : أن القاضي أبا جعفر أحمد بن إسحاق بن البهلول الأنباري التنوخي قال في ابن الفرات بعد عزله من وزارته الثالثة :
قل لهذا الوزير قول محق |
|
فيبثه النصح أيما (٣) إبثاث |
قد تقلدتها ثلاثا ثلاثا |
|
وطلاق البتات (٤) عند الثلاث |
قال : وكان الأمر على ما قاله ، فإن ابن الفرات لم يعد بعد الوزارة الثالثة إلى النظر. وقيل في محبسه لما قبض على ابن الفرات استتر ولده المحسن أياما ، ثم ظهر عليه فقبض عليه وعذب بأنواع العذاب وضربت عنقه في يوم الاثنين لثلاث عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الآخر سنة اثنتي عشرة وثلاثمائة ، وأحضر رأسه فألقي بين يدي أبيه ، فارتاع
__________________
(١) ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
(٢) في الأصل : «عن»
(٣) في الأصل : «إنما».
(٤) في الأصل : «الثبات».