الرسل بتبليغه الراجع إلى كونه مما سكت الله عنه الملازم لعدم فعليته ، ولا تدل على عدم المسئولية بالتكليف لو فرض فعليته والأمر بتبليغه ، وإنما كان اختفاؤه بسبب الطوارئ الموجبة للضياع كظلم الظالمين ونحوه.
إذ فيه : أنه مخالف للظاهر جدا ، فإن ظاهر الإعلام هو الإعلام الفعلي ، ولا سيما مع إضافته لكل مكلف بشخصه ، لا لنوع المكلفين. ومجرد كون ذلك هو المراد بوجوب الإعلام على الله تعالى من باب اللطف ، لا يقتضي الحمل عليه في المقام.
فالإنصاف قوة دلالة الآية بناء على أن المراد من الايتاء هو الإعلام في المقام.
لكنه غير ظاهر ، لأن حقيقة الإيتاء الإعطاء ، فلا بد إما من حمله على حقيقته مع حمل الموصول على المال ويكون التكليف به بمعنى التكليف بإنفاقه. أو حمله على الاقدار مجازا مع حمل الموصول على الفعل ويكون التكليف به حقيقيا. وكلاهما مناسب لورود القضية مورد التعليل لقوله تعالى : (لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتاهُ اللهُ).
ولعل الأول أقرب ، لما يستلزمه الثاني من اختلاف معنى الايتاء ومتعلقه في الموردين. ومجرد كون الثاني أشمل لا يقتضي ظهور القضية فيه مع كون الأول ارتكازيا مثله.
نعم ، الظاهر أن منشأ اشتراط التكليف بإنفاق المال بإعطائه هو عدم التكليف بغير المقدور ، بقرينة وروده مورد التعليل الظاهر في كونه ارتكازيا ، فيكون عدم التكليف بغير المقدور علة للقضية المذكورة ، لا أنه مؤدى بها.
وكيف كان ، فالآية أجنبية عما نحن فيه من عدم التكليف بما لا يعلم.
وأما ما ذكره بعض الأعاظم قدّس سرّه من أن إيتاء كل شيء بحسبه ، فإيتاء المال بإعطائه ، وإيتاء الشيء فعلا أو تركا بالإقدار عليه ، وإيتاء التكليف بايصاله