التباين ، فهو لا يحكي عنهما إلا كذلك ، ولذا لا يكون الإتيان بكل منهما مصاحبا لخصوصية زائدة على المطلوب خارجة عنه ، كما هو الحال في مورد التخيير العقلي ، حيث تكون الخصوصية خارجة عن المطلوب.
ومن ثمّ ذكرنا في محله أن الوجوب التخييري عبارة عن التكليف بمصداق أحد الأمرين بنحو الترديد والبدلية ، وليس العنوان إلا حاكيا محضا عنهما ولذا قد يستبدل ـ بل هو الشائع ـ بالعطف بأو التي لا تحكي إلا عن معنى حرفي لا يكون موردا للتكليف.
بل قربنا هناك أن ذلك هو مراد القائل بتعلقه بمفهوم أحدهما ، وأن الخلاف بين القولين أشبه بالخلاف اللفظي.
وعليه ليس الفرق بين الوجوب التعييني والتخييري إلا في كيفية تعلق كل منهما بمتعلقه ، فالتعييني متعلق بالجامع الصالح للامتثال بالأفراد المتكثرة ، والتخييري متعلق بالأطراف رأسا على ما هي عليه من التباين.
إذا عرفت هذا ، ظهر أنه لا مجال لدعوى وجود المتيقن في المقام ، وهو التكليف بالجامع الذي هو عنوان أحد الأمرين ، إذ لا معنى لتعلقه به مع فرض التعيين ، لعدم كون الخصوصية قيدا زائدا في العنوان المذكور ، بل هي بنفسها مورد للتكليف التعييني.
كما أن الجامع المذكور ليس منتزعا من أمر في الخصوصية يجب ضمنا بتبعها ، ليدعى وجوبه على كل حال في فرض التردد بين التعيين والتخيير ، بل لا يؤخذ الجامع المذكور إلا في ظرف الحاجة إليه ، للحكاية عن كلتا الخصوصيتين اللتين هما موضوع التكليف التخييري ، بل لم يؤخذ في الغالب ، حيث اشير للخصوصيتين بوجه آخر ، كالعطف بأو ، وغيره.
وبالجملة : لا مجال لدعوى وجود المتيقن في مقام الجعل الصالح للموافقة القطعية ، لينحل به العلم الإجمالي المفروض ، ويتجه الرجوع للبراءة