ثم إنه لأجل ذلك يكون عموم النهي عن ارتكاب الشبهة آبيا عن التخصيص بالاضافة إلى الشبهات الموضوعية التي لا خلاف في الرجوع فيها للبراءة ، والوجوبية الحكمية التي اشتهر بين الاخباريين فيها ذلك. وحينئذ يتعين التزام ورود أدلة البراءة عليها وكونها رافعة لموضوعها ـ نظير ما تقدم في الاستدلال بالكتاب ـ وهو موقوف على حملها على ما ذكرناه من المعنى.
نعم ، قد يدعى قصور العموم المذكور عن شمول الشبهة الوجوبية ، إما لما سبق من شيخنا الأعظم قدّس سرّه من أن ظاهر الوقوف السكون المطلق وعدم المضي ، فإن الاحتياط بذلك إنما يناسب الشبهة التحريمية لا الوجوبية ، أو لما تضمنه بعض النصوص ـ كحديث التثليث ـ من أن الاقتحام في معرض الوقوع في الحرام الواقعي.
اللهم إلا أن تعمها لعموم التعليل الارتكازي في النصوص بلزوم الهلكة ، فلا بد أن يراد من الوقوف في الشبهة عدم الاقتحام في احتمال المخالفة الواقعية معها ، وإن كان ذلك يختلف باختلاف نوعي الشبهة ، ففي الشبهة التحريمية بالفعل ، وفي الشبهة الوجوبية بالترك. فتأمل.
الثاني : أن ظاهر كثير من نصوص المقام المفروغية عن منجزية الشبهة ، لا الحكم بمنجزيتها تعبدا وتأسيسا ، فإن الظاهر من مثل قولهم عليهم السّلام في غير واحد من النصوص : «الوقوف عند الشبهة خير من الاقتحام في الهلكة» ، وقولهم عليهم السّلام : «من أخذ بالشبهات وقع في المحرمات وهلك من حيث لا يعلم» المفروغية عن ترتب الهلكة على تقدير الوقوع في الحرام الواقعي ، وأن النهي وارد للارشاد إلى ذلك ، لبيان أن تحمل كلفة الاحتياط أهون من الوقوع في الهلكة المحتملة ، لا لبيان ترتب الهلكة ، تأسيسا ، ليقتضي منجزية الشبهة تعبدا ، نظير بيان ترتب العقاب على بعض الامور لبيان حرمتها تعبدا.
نعم ، لو قيل : الأخذ بالشبهة موجب للهلكة كان مسوقا لبيان ذلك ، لا