موضوع الأثر بعنوانه المقتضي لترتب الأثر عليه ، وإنما يمنع منه مع امتناع الإشارة إليه بالعنوان المذكور ، على ما يذكر في محله. فتأمل.
وأما الصورة الثانية فإن جرى فيها استصحاب ملكية المكلف أو الغير فهو ، وإلا فقد يقال : إن المتيقن من الأدلة عدم جواز التصرف في ملك الغير ، وحينئذ فمقتضى استصحاب عدم تملك الغير ـ وإن كان أزليا ـ جواز التصرف فيه للمكلف وإن لم يحرز كونه ملكا له.
وأما احتمال توقف جواز التصرف على تملك المتصرف للعين ، بنحو يكفي أصالة عدم تملكه لها في حرمة التصرف ظاهرا فلم يثبت بنحو معتد به. ولا أقل من إجمال الموضوع الذي يمنع من جريان الاستصحاب ، فيرجع لأصالة البراءة.
وأما الاستدلال على الحرمة بصحيح جميل بن صالح ، قلت لأبي عبد الله عليه السّلام : «رجل وجد في منزله دينارا. قال : يدخل منزله أحد؟ قلت : نعم ، كثير. قال : هذا لقطة. قلت : فرجل وجد في صندوقه دينارا؟ قال : يدخل أحد يده في صندوقه غيره ، أو يضع فيه شيئا؟ قلت : لا ، قال : فهو له» (١) ، لظهور صدره في احتمال كون الدينار له ، ومع ذلك لم يحكم فيه بالحل.
ففيه : أن الظاهر منه كون الجهة الملحوظة في السؤال والجواب هي الحل الوضعي الذي هو عبارة عن الملكية ، لترتيب آثارها ، وقد عرفت أنها خلاف الأصل ، لا الحل التكليفي الذي هو محل الكلام وهو المطابق للأصل.
مع أن الدينار مسبوق بملكية الغير ، فيحرم التصرف فيه بمقتضى استصحاب ملكية الغير له وعدم ملكية الواجد له ، فلا ينفع في محل الكلام ، وهو ما لم يجر فيه الاستصحاب المذكور.
ومنه يظهر الحال في الصورة الثالثة ، فإن مقتضى استصحاب عدم ملك
__________________
(١) الوسائل ، ج ١٧ باب ٣ ، من أبواب اللقطة ، ح ١.