وأما المرفوعة فهي ضعيفة جدا ، حيث لم يذكرها إلا ابن أبي جمهور الأحسائي في كتاب عوالي اللئالي عن العلامة مرفوعة إلى زرارة ، وقيل إنه لم يعثر عليها في كتب العلامة قال في الحدائق : «لم نقف عليها في غير كتاب عوالي اللئالي مع ما هي عليه من الرفع والإرسال وما عليه الكتاب المذكور من نسبة صاحبه إلى التساهل في نقل الأخبار والإهمال وخلط غثها بسمينها وصحيحها بسقيمها ، كما لا يخفى على من وقف على الكتاب المذكور».
ومنه يظهر أنه لا مجال لدعوى انجباره بعمل الأصحاب ـ بناء على ما سبق من شيخنا الأعظم قدّس سرّه ـ لتوقف ذلك على اشتهار الحديث عندهم وتداوله بينهم ، كي يرجعوا إليه في مقام العمل ، ولا يكفي في انجباره موافقتهم له من دون ذلك.
هذا ، وقد قرب شيخنا الاستاذ قدّس سرّه الاعتبار بصفات الراوي بأنه لا يبتني على الترجيح بين الحجتين ، بل على اختصاص موضوع الحجية بالأرجح ، لارتفاع موضوع الحجية عن خبر الثقة بمعارضة خبر الأوثق له ، حيث يرتفع الوثوق به ويختص به خبر الأوثق.
ومن ثمّ كانت سيرة العقلاء ـ التي هي عمدة أدلة حجية خبر الثقة ـ على العمل بخبر الأوثق عند التعارض ، ولا يحتاج لأدلة الترجيح الخاصة.
وفيه .. أولا : أن هذا قد يتم في ما إذا كان مرجع الأوثقية الى قوة ضبط الشخص في مورد احتمال الخطأ والغافلة ، حيث يبتني العمل بخبر الضابط على أصالة عدمهما المعول عليها في من لم تقم أمارة على خطئه وعدم ضبطه ، ولا يبعد كون معارضة خبر الأضبط لخبر غيره أمارة على عدم ضبط غيره في ذلك الخبر فيرتفع موضوع الأصل المذكور فيه ، نظير معارضة الأعلم لغيره في الاجتهاديات والحدسيات ، ولا يجري في الأوثقية الراجعة إلى الأصدقية المستلزمة لشدة التورع وقوة الدين ، مع قطع النظر عن الضبط.