فيه ، فخالفوهم فما هم من الحنيفية على شيء» (١) ، حيث لا يبعد حمله على الردع عن تهيب مخالفتهم بسبب كثرتهم وسيطرتهم ودعاواهم العريضة ، إذ قد يوجب ذلك قدسية لهم يستبعد معها اجتماعهم على الخطأ ويغافل عن ابتناء مذهبهم على الاصول الفاسدة والضلال عن الحق.
وأما الموثق فيشكل الاستدلال به بعدم كون المشابهة واللامشابهة عبارة عن محض الموافقة والمخالفة لينفع في ما نحن فيه ، بل الظاهر منهما معنى آخر راجع إلى نحو من المناسبة والمشاكلة بين كلامه عليه السّلام وقول العامة أو المباينة بينهما ، حيث قد يدرك المعاشر للعامة والمطلع على مذاهبهم والممارس لكلامهم وطرق استدلالهم نحوا من المعالم والمباني المميزة لها مضمونا أو استدلالا ، كمتابعة ولاة الجور واحترامهم والتسامح معهم واعتماد الأقيسة والاستحسانات في الأحكام ونحو ذلك ، ويكون جري كلامه عليه السّلام على ذلك معيارا في المشابهة لقول الناس والبعد عنها معيارا في عدمها ، ولا مانع من الالتزام بمانعية ذلك من حجية الكلام مع قطع النظر عن التعارض.
ومجرد صعوبة إدراك ذلك لنا ، لعدم ألفتنا لكلام العامة وبعدنا عنهم ، لا يمنع من حمل الموثق عليه مع قرب تيسره للمخاطب.
وبالجملة : الموثق بظاهره أجبني عما نحن فيه ، وليس هو من سنخ المطلق المنطبق عليه ، ليمكن حمله وقصره عليه.
فالعمدة في المقام : نصوص الترجيح المشار إليها المعتضدة بمعروفية الترجيح المذكور بين الأصحاب وجريهم عليه بنحو يقرب تحقق الإجماع منهم ، حيث يبعد جدا مخالفتهم لمفاد هذه النصوص مع كثرتها ومعروفيتها بينهم وقرب مضامينها لأذواقهم ولظروف صدور الروايات ، حتى لا يبعد كون المرجح المذكور ارتكازيا عند الطائفة المحقة مستغنيا عن الأخبار.
__________________
(١) الوسائل ج : ١٨ ، باب : ٩ من أبواب صفات القاضي حديث : ٢.