المجموع في الحكم بالسعة ، لأن حجية كل خبر منوطة بوثاقة راوية فقط ، والذي يناط بوثاقة الكل هو السعة مع التعارض ، إذ مع وثاقة البعض فقط يجب الاقتصار على روايته.
ومثله الإشكال بأن إطلاق السعة ظاهر في السعة من حيثية تلك الأخبار ، وذلك يقتضي التساقط ، لا التخيير المستلزم للضيق في الجملة بعدم جواز الخروج عنها عملا ، نظير ما سبق في موثق سماعة.
لاندفاعه : بأن التنبيه فيه على وثاقة الرواة لا يناسب عرفا التساقط وإهمال الرواية ، وإن لم ينافه عقلا ، بل هو قرينة على تقييد إطلاق السعة وحمله على السعة في العمل بالرواية ، لصلوحها لذلك بسبب وثاقة راويها ، بخلاف موثق سماعة ، حيث لم يتضمن إلا فرض التعارض والتكاذب بين الروايتين المناسب لتساقطهما. فدلالة المرسل على التخيير قريبة جدا ، ولا أقل من إشعاره به بنحو يصلح للتأييد.
الخامس : مرسل الحسن بن الجهم عن الرضا عليه السلام : «قلت : يجيئنا الرجلان وكلاهما ثقة بحديثين مختلفين ولا نعلم أيهما الحق. قال : إذا لم تعلم فموسع عليك بأيهما أخذت» (١).
ولعله أظهر نصوص التخيير دلالة ، ولا سيما بلحاظ التقييد فيه بعدم العلم بالحق من الخبرين ، حيث لا يكون بذلك منافيا لنصوص الترجيح الصالحة للتعبد بتعيين ما هو الحق منهما ، بل يكون محكوما لها حكومة عرفية.
السادس : ما أرسله الكليني في كلامه المتقدم ، وفي ذيل موثق سماعة السابق ، حيث قال : «وفي رواية أخرى : بأيهما أخذت من باب التسليم وسعك» (٢). ودلالته ظاهرة.
__________________
(١) الوسائل ج : ١٨ باب : ٩ من أبواب صفات القاضي حديث : ٤٠.
(٢) الوسائل ج : ١٨ باب : ٩ من أبواب صفات القاضي حديث : ٦.