رواتها الأمناء عليها (١) ، حيث يظهر منه أن ضياعها المستلزم لضياع الواقع محذور لا يتدارك بتشخيص المجتهد للوظيفة الفعلية خطأ .. إلى غير ذلك من النصوص الظاهرة أو المشعرة بأن الأحكام الواقعية باقية على ما هي عليه من الفعلية ، ولا تختلف باختلاف الاجتهادات والانظار.
ولا ملزم بالخروج عن ذلك الا توهم أنه مقتضى الجمع بين الأحكام الواقعية والظاهرية ، التي يختلف مفادها باختلاف الأنظار والاجتهادات.
لكن ذلك إن رجع إلى دعوى : ظهور أدلة الحجج والأصول الظاهرية في تبعية الحكم الفعلي لها ، بحيث تكون موضوعاتها عناوين ثانوية رافعة للحكم الأولي.
ففيه .. أولا : أن ظاهر أدلتها محض الطريقية الظاهرية ، التي هي في طول الأحكام الواقعية من دون أن تكون دخيلة فيها.
وثانيا : أن ذلك إنما يستلزم التصويب في مؤدى الأمارة الشرعية كفتوى المجتهد في حق العامي ، وأدلة الأحكام في حق المجتهد ، لا في تشخيص مؤدى الامارة لو فرض الخطأ في تشخيصه ، كما لو أخطأ العامي في تشخيص فتوى المجتهد الذي يجب عليه تقليده ، أو أخطأ المجتهد في تشخيص مؤدى أدلة الأحكام ، لاستناد الخطأ في ذلك إلى القطع الذي هو طريق محض بحكم العقل ، من دون أن يكون حجه شرعية كي يكون ظاهر دليل حجيته تبدل الحكم الواقعي تبعا له.
وإن رجع إلى دعوى : أن بقاء الأحكام الواقعية على ما هي عليه من الفعليّة في حال خطأ الاجتهاد مستلزم لكون فتح باب الاجتهاد وترخيص الشارع فيه وتهيئة مقدماته ببيان الأحكام بالطرق الظنية القابلة للخطإ في نفسها وفي تشخيص مفادها ، مفوتا للواقع الذي هو قبيح منه تعالى ، فلا بد من البناء على
__________________
(١) راجع الوسائل ج : ١٨ باب : ٨ ، ١١ من أبواب صفات القاضي.