قال في التقريرات : «وبالجملة : فجواز تقليد العامي في الجملة معلوم بالضرورة للعامي وغيره ، وليس علم العامي بوجوب الصلاة عليه في الجملة أوضح من علمه بوجوب التقليد مع اتحاد طريقهما في حصول العلم من مسيس الحاجة وتوفر الدواعي عليه واستقرار سيرة المعاصرين للأئمة عليهم السّلام والخلف التابعين لهم إلى يومنا هذا ...».
والظاهر تفرع السيرة المذكورة على سيرة العقلاء المشار إليها ، فتكشف عن إمضائها.
ولو فرض اشتباه الحال على بعض العوام لبعض الشبه والتشكيكات التي لا يحسنون دفعها فهو لا يشتبه على أهل العلم ممن يلتفت للسيرتين المذكورتين ويحسن دفع الشبه بالأدلة الضرورية.
الثاني : قوله تعالى : (وَما كانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ)(١) ، فإن التفقه عبارة عن تعلم الأحكام وأخذها عن أدلتها ، وظاهر الانذار هو الانذار بما تفقهوا فيه ، فيدخل فيه بيان الأحكام الإلزامية المستتبعة للعقاب والفتوى بها ، وحيث كان ظاهر جعل الحذر غاية للإنذار مطلوبيته تبعا له كان ظاهرا في حجية الفتوى بالأحكام الإلزامية ، ويتم في غيرها بعدم الفصل ، بل يفهم عدم الخصوصية بسبب ظهور في كون ترتب الحذر على الانذار طبيعيا ، لا تعبديا محضا ، حيث لا يكون ذلك إلا بلحاظ سيرة العقلاء التي ارتكز مضمونها في الأذهان ، حيث يكون ظاهرا في إمضاء السيرة المذكورة التي لا يفرق فيها بين الأحكام الإلزامية وغيرها.
بل ربما يدعى شمول الإنذار لبيان الأحكام الاقتضائية غير الإلزامية ، لما يتضمنه من بيان فوت الثواب بالتخلف عن متابعتها. فتأمل.
__________________
(١) سورة التوبة : ١٢٢.