يستكشف بذلك كون جميع موارد العدول تبتني على انتهاء أمد الحجية دون اضمحلالها حتى العدول الناشئ من الأعلمية ، ليخرج بذلك عما عرفت من ابتناء العدول للأعلمية على الاضمحلال. فلاحظ.
وأما إذا لم يكن العدول لأعلمية المعدول إليه ، بل لأمر تعبدي من موت أو نحوه ـ على ما سبق الكلام فيه ـ فإن كان لدليله إطلاق يعم الوقائع السابقة بنحو ينافي بقاء حجية الأول فيها يتجه البناء على عدم الإجزاء أيضا.
بخلاف ما إذا لم يكن لدليله إطلاق يعمها. إما لكونه لبيا من إجماع أو نحوه ـ كما قيل أنه العمدة في وجوب العدول مع الموت ـ حيث كان المتيقن منه الوقائع اللاحقة أو السابقة التي عمل فيها برأيه ، إذ لا إجماع على حجيته ، كيف وقد اشتهر القول بالإجزاء فيها ، بل ادعي عليه الإجماع.
أو لكونه لفظيا يختص بالوقائع اللاحقة ، كما هو الحال بناء على ما ذكره بعض مشايخنا في وجه وجوب العدول مع الموت من لزوم تحقق العناوين المأخوذة في الأدلة الشرعية من الفقيه والعالم ونحوهما حين الرجوع للمفتي الذي هو وقت سؤاله ، فلا يجوز تقليد الميت لو احتيج لسؤاله للجهل بفتواه وإن جاز العمل بفتواه مع العلم بها ، لوضوح أن الجهل بفتواه إنما يقتضي السؤال بالإضافة إلى الوقائع اللاحقة التي يراد العمل فيها وكذا السابقة التي لم يعمل فيها ويراد تدارك العمل فيها ، دون السابقة التي عمل فيها على طبق فتوى الميت ، حيث يعلم بمطابقة فتواه للعمل الواقع بنحو لا يحتاج للتدارك لو كانت حجة بلا حاجة إلى السؤال منه.
وحينئذ يتعين الإجزاء أما مع أعلمية المعدول عنه فظاهر ، لعموم بناء العقلاء على حجية رأي الأعلم فيقتصر في الخروج عنه على المتيقن. وأما مع عدم أعلميته أو عدم ثبوتها فلإطلاق الأدلة المصححة لتقليده سابقا ولو بضميمة استصحاب حجية فتواه بالإضافة إلى الوقائع السابقة الذي سبق جريانه