للكلام إلا بعد القطع بعدم القرينة المنفصلة.
وقد أطال قدّس سرّه في تقريب اندفاع هذا الإشكال ، حيث ادعى أنه بعد الفحص يصح للعبد أن يحتج على المولى بذلك الظهور ، لأنه حجة ما لم يجد قرينة على خلافه ، فلو لم يطابق الظهور المراد الواقعي كان ذلك ناشئا من عدم إلقاء المولى كلامه بنحو يفي ببيان المراد ، لا من تقصير العبد في فحصه عن بيان المولى لمراده.
لكنه كما ترى! لأن لازم ما ذكره من خروج الشارع عن الطريق العرفي احتمال استيفاء بيان الشارع لمراده ، لضياع القرائن التي اعتمد عليها ، ولا مجال للرجوع لما وصل من كلامه ، لعدم إحراز ظهوره التصديقي.
كما لا مجال للرجوع لأصالة عدم القرينة المنفصلة لاحراز الظهور المذكور ، لأن أهل اللسان إنما بنوا على الأصل المذكور في بياناتهم التي يتم ظهورها التصديقي ، وتكون البيانات المنفصلة المنافية لها من سنخ المعارضات ، ولم يثبت بناؤهم عليه في بيانات الشارع المفروض عدم إحراز ظهورها التصديقي ، لكون البيان المنفصل المحتمل مقوما لظهورها لا معارضا له ، بل هو نظير ما لو شك في فراغ المتكلم عن كلامه ، أو صرح باعتماده على القرائن المنفصلة واحتمل عدم استيفائها بالفحص ، حيث لا مجال للبناء على أصالة عدم القرينة المتصلة في الأول والمنفصلة في الثاني ، لاحراز الظهور التصديقي. فلاحظ.
وبالجملة : لا ينبغي التأمل في أنه بعد فراغ المتكلم من كلامه ينعقد ظهوره التصديقي ويستحكم ، ولا يكون ورود البيان المنفصل مانعا من ظهوره ولا رافعا له ، إلا مع تصريح المتكلم باعتماده على القرائن المنفصلة وخروجه في كلامه عن طريقة العرف في استيفاء البيان بالظهور ، وهو خارج عن محل الكلام.