(ولو أوقع) المالك (صيغتين) للجعالة مختلفتين في مقدار العوض أو في بعض أوصافها (عمل بالأخيرة إذا سمعهما العامل) لأنّ الجعالة جائزة ، فالثانية رجوع عن الاُولى ، سواء زادت أم نقصت (وإلّا) يسمعهما (فالمعتبر ما سمع) من الاُولى والأخيرة. ولو سمع الثانية بعد الشروع في العمل ، فله من الاُولى بنسبة ما عمل إلى الجميع (١) ومن الثانية بنسبة الباقي.
(وإنّما يستحقّ الجُعل على الردّ بتسليم المردود) إلى مالكه مع الإطلاق أو التصريح بالجعل على إيصاله إلى يده (فلو جاء به إلى باب منزل المالك فهرب فلا شيء للعامل) لعدم إتمامه العمل الذي هو شرط الاستحقاق. ومثله ما لو مات قبل وصوله إلى يده وإن كان بداره. مع احتمال الاستحقاق هنا؛ لأنّ المانع من قبل اللّٰه تعالى ، لا من قبل العامل. ولو كان الجعل على إيصاله إلى البلد أو إلى منزل المالك استحقّ الجميع بالامتثال.
(ولا يستحقّ الاُجرة إلّاببذل الجاعل) أي استدعائه الردّ ، سواء كان مع بذل عوض أم لا (فلو ردّ بغيره كان متبرّعاً) لا عوض له مطلقاً ، وكذا لو ردّ من لم يسمع الجعالة على قصد التبرّع ، أو بقصد يغاير ما بذله المالك جنساً أو وصفاً.
__________________
(١) هكذا ذكره جماعة من الأصحاب منهم المصنّف في الدروس [٣ : ١٠٠] في مطلق فسخ المالك في الأثناء ، وكذا العلّامة في أكثر كتبه [القواعد ٢ : ٢١٦ ، والمختلف ٦ : ١١٤ ، والتذكرة (الحجريّة) ٢ : ٢٨٨] مع حكمه بأنّ فسخ المالك في الأثناء يوجب الرجوع إلى اُجرة المثل ، وهذا لا يخلو من تناقض. نعم حكم في التذكرة [(الحجريّة) ٢ : ٢٨٨] بالرجوع إلى اُجرة المثل في الموضعين؛ لأنّ الجعالة الثانية بمنزلة فسخ الاُولى وهو متّجه. وإن كان القول باستحقاقه بالنسبة من المسمّى أوجه؛ لقدومهما على ذلك ، خصوصاً لو كانت اُجرة المثل أزيد من المسمّى قيمةً. نعم ، لو قيل بثبوت أقلّ الأمرين من اُجرة المثل ونسبة المسمّى كان وجهاً. (منه رحمه الله).