وهذا النظر ممّا لم يتعرّض له أحد من الأصحاب ، ولا ذكره المصنّف في غير هذا الكتاب. وهو نظر موجَّه ، إلّاأ نّه لا يتمّ إلّاإذا فرض كون مورد الإجارة هو الفعل في الزمن المعيّن ، وما خرج عنه خارج عنها ، وظاهر الرواية وكلام الأصحاب أنّ مورد الإجارة كلا القسمين ، ومن ثَمّ حكموا بصحّتها مع إثبات الاُجرة على التقديرين ، نظراً إلى حصول المقتضي وهو الإجارة المعيّنة المشتملة على الاُجرة المعيّنة وإن تعدّدت واختلفت؛ لانحصارها وتعيّنها (١) كما تقدّم ، وبطلانها على التقدير الآخر. ولو فُرض كون مورد الإجارة هو القسم الأوّل خاصّة ـ وهو النقل في الزمن المعيَّن ـ لكان الحكم بالبطلان على تقدير فرض اُجرة مع نقله في غيره أولى؛ لأنّه خلاف قضيّة الإجارة وخلاف ما تعلّقت به ، فكان أولى بثبوت اُجرة المثل.
وجعلُ القسمين متعلّقها على تقدير ذكر الاُجرة ، والأوّلَ خاصّةً على تقدير عدمه في الثاني مع كونه خلاف الظاهر موجب لاختلاف الفرض بغير دليل.
ويمكن الفرق بكون تعيين الاُجرة على التقديرين قرينة جعلهما موردَ الإجارة حيث أتى بلازمها ، وهو الاُجرة فيهما ، وإسقاطها في التقدير الآخر قرينة عدم جعله مورداً من حيث نفي اللازم الدالّ على نفي الملزوم ، وحينئذٍ فتنزيله على شرط قضيّة العقد أولى من جعله أجنبيّاً مفسداً للعقد بتخلّله بين الإيجاب والقبول.
(ولا بدّ) في صحّة الإجارة على وجه اللزوم (من كون المنفعة مملوكة له) أي للمؤجر (أو لمولّاه *) وهو من يدخل تحت ولايته ببنوّة ، أو وصاية
__________________
(١) في (ف) وظاهر (ش) : تعيينها.
(*) في (ق) و (س) ونسخة (ش) من الشرح : لوليّه.