وللمصنّف رحمه الله في الحكم الثاني بحث نبّه عليه بقوله : (وفي ذلك نظر؛ لأنّ قضيّة كلّ إجارة المنع من نقيضها) فيمكن أن يجعل مورد الإجارة هنا القسم الذي فُرض فيه اُجرة ، والتعرّض للقسم الآخر الخالي عنها تعرّضاً في العقد لحكم يقتضيه (١) فإنّ قضيّة الإجارة بالاُجرة المخصوصة في الزمن المعيّن حيث يُطلق عدم استحقاق شيء لو لم ينقل أو نقل في غيره (فيكون) على تقدير اشتراط عدم الاُجرة لو نقله في غير المعيّن (قد شرط قضيّةَ العقد ، فلم تبطل) الإجارة (في مسألة النقل أو في غيرها) ممّا شاركها في هذا المعنى ، وهو اشتراط عدم الاُجرة على تقدير مخالفة مقتضى الإجارة الخاصّة (غاية ما في الباب أنّه إذا أخلّ بالمشروط) وهو نقله في اليوم المعيّن (يكون البطلان منسوباً إلى الأجير) حيث فوّت الزمان المعيّن ، ولم يفعل فيه ما شرط عليه ، فلا يستحقّ شيئاً؛ لأنّه لم يفعل ما استؤجر عليه. (ولا يكون) البطلان (حاصلاً من جهة العقد) فلا وجه للحكم ببطلان الإجارة على هذا التقدير وإثبات اُجرة المثل ، بل اللازم عدم ثبوت شيء وإن نقل المتاع إلى المكان المعيَّن في غير الزمان؛ لأنّه فعل ما لم يؤمَر به ولا استؤجر عليه.
__________________
أحدهما : إنّي تكاريت إبل هذا الرجل ليحمل لي متاعاً إلى بعض المعادن فاشترطت عليه أن يدخلني المعدن يوم كذا وكذا؛ لأنّها سوق وأتخوّف أن يفوتني فإن احتبست عن ذلك حططت من الكراء لكلّ يوم احتبست كذا وكذا ، وإنّه حبسني عن ذلك الوقت كذا وكذا يوماً. فقال القاضي : هذا شرط فاسد وفه كراه. فلمّا قام الرجل أقبل إليّ أبو جعفر عليه السلام فقال : شرطه هذا جائز ما لم يحط بجميع كراه [الوسائل ١٣ : ٢٥٣ ، الباب ١٣ من أبواب أحكام الإجارة ، الحديث ٢ مع تفاوت يسير] (منه رحمه الله).
(١) في (ف) ونسخة بدل (ر) : نقيضه.