لبيان وظيفة المتحير في ابتداء الامر ، فلا اطلاق فيها بالنسبة إلى حال المتحير بعد الالتزام بأحدهما ، واستصحاب التخيير غير جار ( لان ) الثابت سابقا ثبوت الاختيار لمن لم يتخير ، فاثباته لمن اختار والتزام اثبات للحكم في غير موضوعه ( ويتوجه عليه ) أولا ، منع سوق الاخبار لبيان وظيفة المتحير في بدو الامر ( بل هي ) ظاهرة في سوقها لبيان حكم المتحير من حيث هو ، ومقتضى اطلاقها عدم الفرق في الحكم بالتخيير بين ابتداء الامر أو بعده ( وثانيا ) منع كون موضوع التخيير هو المتحير إذ لا دليل على اخذ عنوانه في موضوع التخيير ( بل الموضوع ) هو من جائه الحديثان المتعارضان ، فالتحير حكمة لجعل الحكم المذكور ، كما هو ذلك في الحكم بالترجيح ( ومن الواضح ) بقاء هذا الموضوع على حاله في جميع الأزمنة وعدم انقلابه بالاختيار وبالعلم بالحكم الفعلي ( مع أن ) التحير في الحكم الواقعي متحقق حتى مع الاختيار ، والتحير العقلي في المتعادلين مرتفع بالعلم بالتخيير ( فلا يمكن ، ان يكون عنوانا للموضوع يدور الحكم مداره.
( وثانيهما ) ان طبع الاطلاق في التخيير المأخوذ موضوعا للوجوب يقتضي كون المطلوب صرف وجود الاختيار ، لا الطبيعة المهملة ، ولا السارية ، كما هو ذلك في كلية الأوامر ( ولازمه ) سقوط حكمه بمجرد حصوله في الزمان الأول بلا احتمال بقائه ( فلو شك ) حينئذ في بقاء التخيير ، فلا بد وأن يكون من جهة احتمال تعلق امر جديد به في الزمان الثاني ( وفي مثله ) لا مجال لاستصحاب التخيير ، بل الاستصحاب جار في وجوب العمل بما اختاره في الزمان الأول ( وفيه ) انه كذلك إذا كان الامر بالاختيار شرعيا مولويا ، وليس الامر كذلك ( بل هو ) ارشادي إلى حكم العقل به بمناط وجوب تحصيل الحجة الشرعية للقادر على تحصيلها ، كما ذكرناه ( وما هو ) شرعي انما هو ملزومه الذي هو الامر بالتعبد بكل منهما في ظرف الاخذ به واختياره فيكون اطلاقه تابع اطلاق ملزومه ( فإذا كان ) الظاهر من اطلاق هذا النحو من القضايا الشرطية هو كون الشرط الطبيعة السارية في كل زمان فلا محالة يتبعه اطلاق الامر بالتخيير ولو ارشادا في كون المطلوب طبيعة الاختيار