البارئ تعالى اشترط في مواضع كثيرة وقيد الوعد والمدح بلزوم التّقوى والاستمرار على الوفاء حيث كان الممدوح والموعود ممن يجوز عليه الخطأ والمخالفة مثل قوله تعالى : (يا نِساءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّساءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَ) (١) وقوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ إِنَّما يُبايِعُونَ اللهَ يَدُ اللهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّما يَنْكُثُ عَلى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفى بِما عاهَدَ عَلَيْهُ اللهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً) (٢) وقوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقاناً وَيَغْفِرْ لَكُمْ) (٣) وغير ذلك من الآيات الكثيرة ، وحيث لم يشترط في طاعة أولي الأمر شيئا لزم أن يكونوا ملازمين لطاعته لا يخرجون منها إلى معصية وأولو الأمر هم الأئمة ، فالامام معصوم ، فمن كان من أولي الأمر فهو معصوم ومن ليس بمعصوم فليس من أولي الأمر ، ولا يعارض ما ذكرناه قوله تعالى : (وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ) الآية (٤) وما جرى مجراها من الآيات لأنّها أدب للنبي (صلىاللهعليهوآلهوسلم) وتهديد لغيره لأن الله قد عصمه من الشرك ومداهنة الكفّار فلم يكن الشرط في الحقيقة متوجّها إليه بل الى الامّة وكان الله تعالى كثيرا ما يخاطب النّبي (صلىاللهعليهوآلهوسلم) في القرآن وهو يريد الامّة كقوله تعالى : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ) (٥) وغير ذلك ، حتى قيل نزل القرآن بايّاك اعني واسمعي يا جارة ، والفائدة في توجيه الخطاب ظاهرا الى النّبي (صلىاللهعليهوآلهوسلم) في الآية المذكورة ومشابهاتها تهويل أمر الشّرك وتعظيمه وقطع أطماع الطامعين من الناس في المغفرة مع الاشراك بعد الايمان
__________________
(١) الأحزاب : ٣٢.
(٢) الفتح : ١٠.
(٣) الأنفال : ٢٩.
(٤) الزمر : ٦٥.
(٥) الطلاق الآية التي تلي البسملة.