لانّهم إذا سمعوا أنّ الله توعّد نبيّه الكريم مع ما نوّه باسمه في القرآن الحكيم باحباط عمله إن أشرك علموا أنّه لا رجاء لغيره في عفو الله عنه اذ أشرك فيحذرون غاية الحذر من الشّرك ، وليس حال من علمت عصمته بالأدلّة القاطعة مثل النبي (صلىاللهعليهوآلهوسلم) كحال غيره ممّن علمت عدم عصمته حتّى يرتكب في أمره من التأويل ما يرتكب في معلوم العصمة للزوم الجمع بين الأدلّة القطعيّة فتبصر فاندفع ايراد الخصوم بعون الحي القيّوم وثبت من الآية ما ندعيه من عصمة الامام.
العاشر (١) : ان الامام منصوب لردع العصاة وتأديب الجناة وإقامة الحدود واذا لم يكن معصوما من مباشرة القبائح كان في نهيه عن المنكر داخلا في زمرة المذمومين وحاصلا في حيز الملامين الّذين قال الله في أمثالهم (أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ) (٢) فأيّ إمامة لمن كان مذموما معاتبا يأمر بالمعروف ويتركه وينهى عن المنكر ويرتكبه وكيف يكون مثل هذا القيم لله على عباده والصّادع بدينه والذّابّ عن حريم الحق وهو يهتكه ويوهنه بعصيانه ، حاشى لله ان يكون مثل هذا خليفة الله في أرضه وحجته على خلقه ودليله في عباده وأمينه في بلاده على حلاله وحرامه وحدوده وأحكامه وهو من جملة العاصين ومن القوم المذنبين ، وأي عاقل يتصور ان يكون العاصي أهلا لخلافة الله ومستوجبا لنيل عهد الله ومستحقا للنّيابة عن انبياء الله؟ فان هذه الاوصاف الثّابتة للامام لا يجوزها العقل السّليم إلّا لمن كان معصوما ولم يكن بشيء من الذنوب موصوما ، على انا لم نر خليفة لنبيّ فيما مضى الا مطهرا من الذّنوب مبرئا من العيوب ونبيّنا سيد الأنبياء أفيجوز ان يكون خليفته من العصاة والخائضين في الجهالات؟ ان في هذا لافتراء عظيما على رب الارضين والسّماوات ، فيجب ان يكون الامام معصوما من مواقعة الخطيئات ، وانت ما
__________________
(١) أي من الأدلة على وجوب عصمة الامام.
(٢) البقرة : ٤٤.