اظنك تشك في ذلك بعد الاحاطة بما بيناه والتّأمل فيما قررناه.
احتج ابن ابي الحديد على عدم اشتراط العصمة في الامام بقول أمير المؤمنين في وصيته لابنه الحسن (عليهماالسلام) أو محمّد بن الحنفية (١) (أي بنيّ انّه لما رأيتني بلغت سنا ورأيتي أزداد وهنا بادرت بوصيتي أليك وأوردت خصالا منها قبل أن يعجل بي أجلي دون أن أفضي أليك بما في نفسي وأن أنقص في رأيي كما نقصت في جسمي ، أو يسبقني أليك بعض غلبات الهوى وفتن الدّنيا فتكون كالصعب النفور ، وانّما قلب الحدث كالارض الخالية ما ألقى فيها من شيء قبلته ، فبادرتك بالادب قبل ان يقسو قلبك ويشتغل لبّك) هذا آخر ما يمكن تعلقه به من الكلام قال : قوله (عليهالسلام) : «او ان انقض في رأيي» هذا يدلّ على بطلان قول من قال : انّه لا يجوز ان ينقص في رأيه وانّ الامام معصوم عن امثال ذلك وكذلك قوله للحسن «أو يسبقني أليك بعض غلبات الهوى وفتن الدّنيا» يدل على انّ الامام لا يجب ان يعصم من غلبات الهوى وفتن الدّنيا (٢) اقول ليس في هذا حجّة ولا تحصل به معارضة بل ينبغي ان يحمل في امير المؤمنين وفي ابنه ان كان هو الحسن على
__________________
(١) روى ابن عبد ربه المالكي طرفا من هذه الوصية في موضعين تحت عنوانين في باب مواعظ الآباء للأبناء من العقد الفريد في الثالث ص ١٥٥ وص ١٥٦ بتقديم وتأخير وحذف واختصار كما هي عادته في نقل كلام امير المؤمنين (عليهالسلام) ففي العنوان الأول قال : «كتب علي بن ابي طالب الى ولده الحسن» وذكر أول الوصية ، وفي العنوان الثاني قال : «وكتب الى ولده محمد بن الحنفية : تفقه في الدين ـ الى قوله ـ فإن المرأة ريحانة وليست بقهرمانة» ولذا ان المؤلف جاء بكلمة «أو» ولكن المشهور ان الوصية كانت للحسن (عليهالسلام) كتبها امير المؤمنين بحاضرين عند انصرافه من صفين وقد استعرضت مداركها في «مصادر نهج البلاغة واسانيده» ٣ / ٣٠٧ ـ ٣١٢.
(٢) شرح نهج البلاغة ١٦ / ٦٦.