له بما قال المعتزلة بأنّ عمر ليس أفضل عندي منكم ولكن جاز تقديمه عليكم لمصلحة اقتضاها التكليف بل اجابه بانه خيرهم كما سمعت.
الثالث ان عمرو بن العاص لما كلم عمر وطلب منه ان يكلم أبا بكر ان يجعله اميرا على جيوش المسلمين بالشام ويعزل أبا عبيدة ويجعله تحت امره اجابه عمر بان أبا عبيدة عندنا خير منك وقد سمعت رسول الله (صلىاللهعليهوآلهوسلم) يقول : (ابو عبيدة امين هذه الامة) فامتنع ابو بكر وعمر من تقديم ابن العاص على أبي عبيدة لأفضلية ابي عبيدة عليه (١) عندهما كما ترى لا لما ذكره المعتزلي وقبيله الى غير ذلك مما رووه من اقوال ائمتهم وافعالهم مما هو مماثل في المعنى لما ذكرناه وكل ذلك رواه ابن ابي الحديد وصححه وهو صريح في مخالفة قوله ومناقضة دعواه ، فاتضح منه ان المعتزلة والاشاعرة وغيرهم قد خالفوا أئمتهم وتركوا قول من جعلوا دعواهم وسيلة لتقديمهم وكفى بقولهم بطلانا مخالفته لحكم من يقتدون به والذي يمكن تمسك المعتزلة به في قولهم ذلك وجهان يظهران من مطاوي كلام ابن ابي الحديد.
الاول ان النبي (صلىاللهعليهوآلهوسلم) أمر على ابي بكر وعمر وعثمان أبا عبيدة بن الجراح مرة وأمر عليهم عمرو بن العاص تارة وخالد بن الوليد اخرى وأسامة بن زيد رابعة (٢) وابو بكر وعمر وعثمان افضل من هؤلاء المؤمّرين عليهم بالاجماع فيعلم من ذلك جواز تقديم المفضول على الافضل ، والجواب انه ان اراد اجماع الصحابة فقد عرفت انه قائم على قبح
__________________
(١) انظر فتوح الشام للواقدي ١ / ٨.
(٢) إمرة أبي عبيدة حين أرسله مددا لعمرو بن العاص في سرية ذات السلاسل (سيرة ابن هشام ٤ / ٢٠٠) وإمرة عمرو بن العاص في سرية ذات السلاسل (شرح نهج البلاغة ٦ / ٢٤) وسيرة ابن هشام ٤ / ٢٠١ ولم أعثر على إمرة خالد عليهم واما اسامة ففي بعث اسامة المشهور.