في حال مرض ما ، يشغل الحس ويوهن التخيل» (١) ثم ذكر علل ذلك وقال بعدها : «فإذا كانت النفس قوية الجوهر تسع للجوانب المتجاذبة لم يبعد ان يقع لها هذا الخلس والانتهاز في حال اليقظة» (١) وقال في موضع آخر مشيرا الى هذه القوة : «هذه القوة ربما كانت للنفس بحسب المزاج الاصلي لما يفيده من هيئة نفسانية تصير للنفس الشخصية تشخصها وقد تحصل المزاج وقد يحصل بضرب من الكسب يجعل النفس كالمجردة لشدة الذكاء كما يحصل لأولياء الله الأبرار» وقال في موضع «إذا بلغك ان عارفا حدث عن غيب فاصاب متقدما ببشرى او نذير فصدق ولا يتعسرن عليك الايمان به فان لذلك في مذاهب الطبيعية اسبابا معلومة (١)» الى غير ذلك من كلماته المصرحة بهذا المعنى ، واذا سلم الخصوم صحة الالهام للاولياء من جهة الشرع والحكمة ثبت جوازه وحصوله للامام لانه على ما نقول ولي الاولياء وعماد الاصفياء الذي لا يشوب عمله شائبة التغير ولا يخالط حكمه شيء من التبديل فوجب ان يكون ملهما مفهما.
الثاني ان النبي (صلىاللهعليهوآلهوسلم) قد بين للامام بعده جميع ما علمه الله من العلوم والاسرار كما ذكرنا فيما مرّ ومن المعلوم ان الله تعالى اخبر النبي (صلىاللهعليهوآلهوسلم) بعدد اوصيائه واسمائهم وصفاتهم فكان من جملة ما بينه لخليفته ثم بينه الخليفة الى من يكون بعده وهكذا وبهذا صرحت جملة من الآثار.
الثالث انه لا يبعد ان النبي (صلىاللهعليهوآلهوسلم) يخبر كل إمام زمان بمن يكون الامام بعده مشافهة او في المنام وليس في ذلك مانع فقد ذكر مخالفونا ذلك وجوزوه في الاولياء بزعمهم ، قال ابن عربي «جزم بعض
__________________
(١) الاشارات لابن سينا ٤ / ١٣٧ و ١٣٨ و ١٥٥.