يلهم الامام ويفهم من الله معرفة الامام الذي اختاره للامامة من بعد كما يلهم غير ذلك من الامور فيدل الامة على الامام بعده وينص عليه بدلالة الله اياه عليه من طريق الالهام ، وليس القول بالالهام مما نختص به نحن بل جملة من خصومنا يثبتونه لكافة اهل العرفان المسمين عندهم باهل الله من امام غيره ، وقد صرح ابن عربي محيى الدين عند الخصوم بأن المهدي اذا خرج يلهم الشريعة ويحكم بما القي إليه ملك الالهام منها (١) وصرح الحافظ جلال الدين السيوطي في الكشف بان عيسى اذا نزل يفهم جميع احكام الشريعة المحمدية من القرآن من غير احتياج الى الحديث كما فهمها منه نبينا (صلىاللهعليهوآلهوسلم) لانطوائه على جميعها وان قصرت افهام الامة عن فهم ما يفهمه صاحب النبوة (٢) وقال بعضهم اظنه أبا حامد الغزالي كلاما في هذا المعنى طويلا ومن جملته قوله «فالنبوة والرسالة من حيث عينها وحكمها ما انقطعت وما نسخت وانما انقطع الوحي الخاص بالرسول والنبي من نزول الملك على اذنه وقلبه» وكان قبل هذا الكلام قال «ان النبوة والرسالة انقطعت من الوجه الخاص ثم بقي منها المبشرات» ثم قال بعد ذلك : «واما الاولياء فلهم في هذه النبوة مشرب عظيم» إلى آخر كلامه في هذا الشأن ، وقد ذكر الشيخ الرئيس ابو علي بن سينا في النمط العاشر في اسرار الآيات من كتاب الاشارات صحة الالهام والعلم بالغائبات للاولياء من جهة استكمال النفس الانسانية القوة التي هي مبدأ الافعال الغريبة ، قال في موضع «إذا قلت الشواغل الحسية وبقيت شواغل اقل لم يبعد ان يكون للنفس فلتات تخلص عن شغل التخيل الى جانب القدس فانتقش فيها نقش من الغيب فساح الى عالم التخيل وانتقش في الحس المشترك وهذا في حال النوم او
__________________
(١) نقله الصبان في اسعاف الراغبين ص ١٤٩. عن الفتوحات المكية لابن عربي.
(٢) نقله الصبان أيضا في الاسعاف ص ١٤٩. عن السيوطي.