لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طالُوتَ مَلِكاً قالُوا أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ الْمالِ قالَ إِنَّ اللهَ اصْطَفاهُ عَلَيْكُمْ وَزادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشاءُ وَاللهُ واسِعٌ عَلِيمٌ وَقالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسى وَآلُ هارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلائِكَةُ) (١) الآية والملك في بني اسرائيل بمعنى الإمام في هذه الامة ، لأنه منصوب ، لإقامة الحدود وإمضاء الاحكام وأخذ القصاص وتجهيز الجيوش وقتال اهل الشرك ، ودلالة الآية على المطلوب من جهات.
الاولى : إن بني اسرائيل لما ارادوا ملكا يقيم فيهم الاحكام ويقاتل بهم العدو في سبيل الملك العلام طلبوا من نبيهم ان ينصب لهم ملكا لذلك المرام ، ولو كانت الامامة جائزة بالاختيار لما احتاجوا في نصب الامام الى تعيين النبي وقالوا (ابْعَثْ لَنا مَلِكاً) يعني انصب بل كانوا يختارون لأنفسهم من شاءوا فيجعلونه عليهم ملكا ، ولما كانوا سألوا نبيهم نصب واحد من قبله فتوقفهم عن نصب الملك وطلبهم اياه من نبيهم دليل على ان ليس لهم في الامامة اختيار.
الثانية قول نبيهم : (إِنَّ اللهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طالُوتَ مَلِكاً) ولم يقل اني بعثت لكم فدلّ ذلك على ان النبي ليس له اختيار في تعيين من شاء للإمامة وانما له ان يخبر الامة عن الله بأنّ فلانا المخصوص قد جعله الله لكم إماما فالامامة إذن بالنص لا بالاختيار.
الثالثة : انهم لما أبوا إمامة طالوت وارادوا نصب من يختارون بقولهم (أَنَّى
__________________
(١) البقرة : ٢٤٧.