يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنا) الخ رد الله قولهم وأبطل اختيارهم بقوله تعالى (إِنَّ اللهَ اصْطَفاهُ عَلَيْكُمْ وَزادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ) فأبان بذلك بطلان الاختيار في الامامة وعدم ثبوتها به وجعلها موقوفة على اصطفائه وهو اختيار الله جل وعز من يختار لها من خلقه لا من يختاره الخلق لها ، وبالزيادة في العلم والجسم يعني الشجاعة ومن المعلوم ان من يختار الله لا يعلم الا من قبله فوجب من صريح الآية ان يكون الإمام منصوصا عليه من الله تعالى على لسان النبي او الوصي وأن يكون اعلم اهل زمانه واشجعهم ، ولو لم يكن ذلك شرطا لم يكن لذكره معنى وحمل هذه الآية على بطلان الاختيار بعد النصر لا قبله كما قاله بعضهم فاسد مردود بالجهتين الاوليين ، وبأنهم لم يطلبوا الاستقلال بالاختيار وانما طلبوا ان ينصب لهم من يكون لهم رضا بمعنى ان يكون من يختاره الله للملك يوافق اختيارهم ويطابق غرضهم فهم من اوّل امرهم على هذا ، وقد ابطل الله اختيارهم من اصله وردّ عليهم ما اقترحوه ولم يجعل لهم في الاختيار مطلقا نصيبا فيدل ذلك بصريحه على ان الامامة ليس للخلق فيها اختيار لا على جهة الاستقلال ولا على الاشتراك فيثبت المطلوب على انه لا فرق بين الحالين في الحقيقة ، بل اذا لم يجز الاختيار بعد النص لم يجز قبله اذ ليس لاحد ان يحكم بدون حكم الله قبل الحكم وبعده.
الرابعة : قوله : (وَاللهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشاءُ) دل الكلام صريحا على ان الامامة ملك الله يؤتيها من يشاء إتيانه اياها لا من يشاء خلقه فدل ذلك باوضح دلالة على ان الخلق ليس لهم اختيار ولا مدخل في اختيار الامام اصلا وانها موقوفة على اختيار الخالق مطلقا قبل النص وبعده بمعنى انه ليس لأحد ان يرد النص على واحد بعينه من الله تعالى بنظر واجتهاد ولا ان ينصب إماما من دون نصب الله اياه فازال بذلك الفرقان بين الحالين الذي ادعاه ذلك الجهول ، وهو أيضا وجه رابع في رد قوله وفساد دعواه.