بغير حجة من الله كاذب على الله وعلى رسوله ومفتر عليهما الكذب فيكون مستحقا للعن ومستوجبا للبعد من رحمة الله لأن الله يقول (فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللهِ عَلَى الْكاذِبِينَ) (١) ويكون الحاكم بدون دليل من الشرع الشريف حاكما بخلاف ما انزل الله فيدخل في عموم قوله تعالى (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ) (٢) ثم كيف يجوز لأحد من الناس الايجاب والتحريم والتحليل بدون قول الله تعالى والنبي الذي هو سيد الرسل لم يكن له ذلك بل هو مأمور بأن يحكم بحكم الله ولا يتعداه ولا يعمل بسواه قال الله تعالى خطابا له (اتَّبِعْ ما أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ) (٣) وقال (وَاسْتَقِمْ كَما أُمِرْتَ) (٤) وقال (إِنَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِما أَراكَ اللهُ) (٥) ولم يقل له احكم بما تراه انت وما تشتهيه ، ومعنى أراك اعلمك وقال (لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ) (٦) وقال تعالى (وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنا بَعْضَ الْأَقاوِيلِ لَأَخَذْنا مِنْهُ بِالْيَمِينِ ثُمَّ لَقَطَعْنا مِنْهُ الْوَتِينَ) (٧) وغير ذلك من الآيات في هذا المعنى واذا كان الرسول (صلىاللهعليهوآلهوسلم) منهيا عن الحكم برأيه مع أنه أسد البرية رأيا افترى يجوز الله الحكم بالرأي لسائر الناس؟ وإذا لم يجعل الله للنبي (صلىاللهعليهوآلهوسلم) امر التحليل والايجاب والتحريم ا فيجوز ان يجعل ذلك لغيره؟ فثبت من ذلك كله ان الموجب والمحرم بدون حجة من الله من كتاب او سنة متعمد للكذب على الله
__________________
(١) آل عمران : ٦١.
(٢) المائدة : ٤٤.
(٣) الأنعام : ١٠٦.
(٤) الشورى : ١٥.
(٥) لنساء : ١٠٥.
(٦) آل عمران : ١٢٨.
(٧) الحاقة : ٤٦.