وعدم صلاحيته لذلك المنصب وليس في ذلك خفاء ، ودعوى القوشجي في شرح التجريد ان النبي (صلىاللهعليهوآلهوسلم) لم يدفع براءة الى أبي بكر ثم عزله عنها بعلي (عليهالسلام) وانما بعثه اميرا على الموسم وأردفه بعلي (عليهالسلام) ليقرأ براءة ، مخالف لما شاع وذاع وتواتر في القصة بين المفسرين واهل السيرة واستفاض في روايات محدثيهم ، ولسنا نشك انه كلام مختلق موضوع ويدل على ذلك مضافا الى شهرة القصة ما سيأتي من احتجاج عبد الله بن عباس على عمر بن الخطاب في تفضيل علي (عليهالسلام) على أبي بكر بعزله عن براءة بعلي (عليهالسلام) فلم ينكره عمر ولا ادعا خلافه ، على ان ذلك لا يدفع حجتنا لأنا نقول على هذه الدعوى أن غيره لا يصلح للتبليغ عن النبي (صلىاللهعليهوآله) في شيء من الأحكام ولو صلح لذلك لأعطاه براءة وامره بتبليغها واذا لم يصلح لأن يبلغ عنه (صلىاللهعليهوآلهوسلم) في حياته بعض الأحكام الى قوم خاصين من الأمة لم يصلح بالضرورة للقيام مقام النبي (صلىاللهعليهوآلهوسلم) بعد وفاته في تبليغ جميع الأحكام لكل الأمة فلا فرق في ذلك بين عدم تأميره عليها من اوّل الأمر وبين عدم اقراره عليها بعد التأمير لافادة الأمرين معنى واحدا كما عرفت ، وما توهمه القوشجي من الفرق بين الحالين تجاهل وتغافل.
واما ابن ابي الحديد فعنده كغيره منهم إن عزل أبي بكر عن براءة ثابت كالشمس المنيرة صرح به في كتبه واشعاره (١) وعلى كل حال يكون اعطاء النبي (صلىاللهعليهوآلهوسلم) عليا (عليهالسلام) براءة ان كان من اوّل الأمر وان كان بعد عزل ابي بكر عنها إعلاما للناس وإفهاما لهم انه لا
__________________
(١) أما في كتبه فانظر شرح نهج البلاغة ٨ / ٢٠٠ وأما في اشعاره فقوله في احدى علوياته.
ولا كان معزولا غداة براءة |
|
ولا عن صلاة أم فيها فاخرا |