الوصية ،
الثالث : إن المسلمين من اولى العلم كافة يعلمون أن النبي (صلىاللهعليهوآلهوسلم) لم يترك أموالا كثيرة ولا خلف اطفالا صغارا يحتاج الى الايصاء في حفظ اموالهم والقيام بمصالحهم الى وصي يقوم بذلك وليس له حاجة في الوصية الا في القيام مقامه بمصالح الأمة وحماية الملة وانفاذ الأحكام وجهاد المشركين ودعوتهم الى دين الاسلام لا غير ذلك ، فوصيه هو المنصوص عليه منه بذلك والمنصوب منه له وتلك هي الامامة بلا ريبة ولا يشك في ذلك عاقل غير معاند.
الرابع : ان الأخبار المذكورة والأشعار الواردة التي قدمناها وغيرها يتبادر من لفظ الوصي فيها بل لا يفهم من معناها الا كون أمير المؤمنين وصي رسول الله على ما هو المعنى المعروف من اوصياء الأنبياء وهو الخلافة بعدهم لا شيء اخر ، فان قول النبي (صلىاللهعليهوآلهوسلم) : (لي النبوة ولعلي الوصية) وقوله : (صلىاللهعليهوآلهوسلم) (خاتم الوصيين) (١) لا يعقل منه الا ان لعلي خلافة الأنبياء ، وانه خاتم خلفاء النبيين ، لأن النبي (صلىاللهعليهوآلهوسلم) خاتم الأنبياء فلا نبي بعده فلا خليفة نبي بعد علي (عليهالسلام) بدون واسطة خليفة غيره ، لأن الوصية المقابلة للنبوة هي الخلافة من غير شبهة ، والوصي المقابل للنبي هو الخليفة بعده لا يتصور منه غير هذا المعنى ولا يراد به غيره عند الاطلاق ببديهة العقل ، وليس يعقل منها الفطن اللبيب ان لعلي الوصية المقابلة للنبوة في امر مخصوص ، أو أنه خاتم الوصيين في أمور أخر غير الخلافة كمال أو حكم خاص أو سر في معنى خاص ولا يحملها على هذا المعنى الا معوج الفهم بسبب استيلاء الشبه على عقله وممازجتها للبّه ، فيجعل عقله تبعا لمشتهاه ، وسالكا في أثر تقليده ومما
__________________
(١) تاريخ بغداد : ١٠ / ٣٥٦.