وسلم) بني عبد المطلب بمكة وهم رهط كلهم يأكل الجذعة ويشرب الفرق (١) ، وصنع مدا من طعام (٢) حتى اكلوا وشبعوا وبقي الطعام كما هو كأنه لم يمس ، ثم دعا بغمر (٣) فشربوا ورووا ، وبقي الشراب كأنه لم يشرب ، ثم قال : (يا بني عبد المطلب اني بعثت إليكم خاصة والى الناس عامة ، فايكم يبايعني على أن يكون أخي وصاحبي ووارثي ، فلم يقم إليه احد فقمت إليه وكنت من اصغر القوم ، فقال : (اجلس) ثم قال ذلك ثلاث مرات ، كل ذلك اقوم إليه فيقول (اجلس) حتى كان في الثالثة فضرب بيده على يدي ، فبذلك ورثت ابن عمي دون عمي (٤) ، وظاهر الحديث بل صريحه ان الناس لا يشكون في ان عليا وارث رسول الله دون عمه العباس ، بل هو معلوم عندهم ، وانما يسألون عن السبب في ذلك.
قال ابن ابي الحديد : ـ وروى يعني احمد بن حنبل ـ عن جعفر بن محمد الصادق قال : كان علي (عليهالسلام) يرى مع رسول الله (صلىاللهعليهوآلهوسلم) قبل الرسالة الضوء ، ويسمع الصوت ، وقال له (صلىاللهعليهوآلهوسلم) (لو لا أني خاتم الأنبياء لكنت نبيا ، فأن لا تكن نبيا فانك وصي نبي ووارثه ، بل انت سيد الأوصياء وامام الأتقياء) (٥) وهذا الحديث قد اشتمل أيضا على ذكر الوصية والامامة اللتين لا يحتملان الا الخلافة العامة فهو كما قدمناه من الأخبار في ذلك على ما قررناه هناك.
__________________
فيقال : هاء للمذكر ـ بالفتح ـ وهاء للمؤنث ـ بالكسر ـ وهاؤما ، وهاؤن ، وهاؤم ، قال تعالى : (هاؤُمُ اقْرَؤُا كِتابِيَهْ).
(١) الفرق ـ بكسر الفاء ـ وقيل ـ : بفتحها ـ : مكيال يكال به اللبن.
(٢) المد : ربع الصاع ، ومقدر بوزن اليوم ثلاثة ارباع الكيلو تقريبا.
(٣) الغمر : الكثير والمراد هنا اللبن.
(٤) شرح نهج البلاغة ١٣ / ٢١٢ وتاريخ الطبري ٣ / ١١٧٣ ط ليدن.
(٥) شرح نهج البلاغة ١٣ / ٢١٠ عن مسند احمد.