العصمة بل من العدالة!.
الثاني : ما ورد في الكتاب العزيز من الأخبار عن اكثر الناس بعدم الايمان تارة وعدم العلم اخرى وعدم الفقه ثالثة وتخصيص الشاكرين بالأقل مطلق غير مقيد بوقت مثل قوله : (وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يُؤْمِنُونَ وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفاسِقُونَ وَقَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ وَقَلِيلٌ ما هُمْ) (١) الى غير ذلك من الآيات الموجبة للقطع بامتناع هذا الفرض بل بامتناع حصول العدالة لجميع الناس فيكون ما فرضه غير واقع دائما ، ثم لو سلمنا امكان وقوع الفرض عقلا لرددناه بمقتضى العادة المستمرة المفيدة لليقين ، وبيان ذلك انا انما نتكلم على ما جرت به العادة الموجبة للقطع بان ذلك الفرض وهو عصمة جميع الناس لم يحصل فيما مضى من الأزمنة ولا يحصل فيما يأتي لتساوي الأزمان واشخاص النوع الانساني وحذو هذه الأمة حذو من سبقها من الأمم كما افصح عنه قول النبي (صلىاللهعليهوآلهوسلم) فيما صح من الأخبار (٢) ، فكان العلم بامتناع عصمة جميع الناس من جهة العادة جاريا مجرى العلم بامتناع عصمة جميع الناس من جهة العادة جاريا مجرى العلم بامتناع انقلاب أواني الجمادات وصيرورتها رجالا كاملين علماء ومشايخ مهذبين فضلاء من جهتها ، وان كان غير ممتنع ذلك في قدرة الله تعالى فعلم أنه لا لطف يقوم مقام الامام ، بل تعيّن انحصار اللطف فيه ، فوجب في حكمة الله نصبه لأن الاخلال بما وجب في الحكمة قبيح لا يصدر من الحكيم ، فان حصل زمان تنخرق فيه العادة ويعصم الناس فيه عن آخرهم حكمنا باستغنائهم عن الامام من هذا الوجه لا من جميع الوجوه لكن
__________________
(١) ما بين القوسين أبعاض آيات من : هود : ١٧ ، والأنعام : ٣٧ ، وآل عمران : ١١٠ وسبأ ١٣ وص ٢٤.
(٢) يشير الى الحديث الذي رواه الامام احمد في المسند ٤ / ١٢٥ : (ليحملن شرار هذه الأمة على سنن الذين خلوا من قبلهم اهل الكتاب حذو القذة بالقذة).