لطفا لم يزله عناد المعاندين ، واذا لم تقل بان عدم التمكن والقهر في النبي (صلىاللهعليهوآلهوسلم) قادح في صحة نبوته ولا مبطل لفرض إمامته ولا مخرج له عن اللطف لزمك القول بان عدم التمكن مما ذكرته أيضا غير قادح في إمامة وصيه ولا مزيل للطفية خليفته لاتحاد العلة ، ثم انا نعلم ان التكليف لطف لأنه زاجر عن القبيح وحاث على الطاعة ، وهو عبارة عن امر ونهي وانه لا يخرجه عن اللطفية عدم عمل المكلفين بمقتضاه ، وخروجهم من حدوده ، ومن ذا يتبين أن عمل الناس بمقتضى اللطف واجابتهم اياه ليس بشرط في كون اللطف لطفا؟ فعدم حصوله لا يبطل لطفيّة اللطف فالامام لا يبطل لطفيته عدم تمكنه من الأمور التي ذكرها المعترض لعصيان الرعية ، فما ادعينا وجوبه لطف فيكون واجبا ، وهذا الجواب هو الحاصل من كلام جماعة من قدماء اصحابنا كالصدوق (١) وابن قبة (٢) في ابطال تلك الشبهة واجاب اصحابنا المتأخرون كنصير الدين الطوسي وجمال الدين الحلي (رضي الله عنه) (٣) عنها بان وجود الامام لطف تصرف او لم يتصرف لقيام حجة الله
__________________
(١) الصدوق : الشيخ ابو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه رئيس المحدثين له نحو من ثلاثمائة مصنف توفي بالري سنة (٣٨١) وقبره هناك مشهور مزور.
(٢) ابن قبة ـ بكسر القاف وفتح الياء وتخفيفها ـ ابو جعفر محمد بن عبد الرحمن بن قبة الرازي من فقهاء الامامية ومتكلميهم صاحب كتاب «الأنصاف» في الامامة ينقل عنه العلماء في كتبهم كالمفيد في «المحاسن» والمرتضى في «الشافي» كان في ابتداء امره من المعتزلة ثم تحول الى الامامية ، وقد حمل هذا الكتاب ابو الحسين السوسنجردي ـ وهو من علماء الامامية أيضا ـ الى بلخ وعرضه على أبي القاسم البلخي من شيوخ المعتزلة ، فنقضه البلخي بكتاب «المسترشد» فعاد به السوسنجردي الى ابن قبة فنقضه بكتاب «المستثبت» فعاد به الى الري فوجد ابن قبة قد توفي رحمهالله وانظر مصادر نهج البلاغة وأسانيده ١ / ٣١٠.
(٣) جمال الدين الحسن بن يوسف بن علي بن المطهر الحلي المعروف بالعلامة ولد سنة ٦٤٨