أم الى تشوفت ، هيهات هيهات قد طلقتك ثلاثا لا رجعة فيها ، فعمرك قصير ، وخطرك يسير ، وعيشك حقير ، اه من قلة الزاد ، وبعد السفر ، ووحشة الطريق ، فبكى معاوية وقال : رحم الله أبا الحسن كان والله كذلك فكيف حزنك عليه يا ضرار؟ فقال : حزن من ذبح ولدها في حجرها فهي لا يرقى دمعها ولا يخفى فجعها (١).
وفي مختصر (٢) مناقب البلخي الشافعي لبعض الشافعية قال روى عن علي أنه قال في مجلسه العام : (سلوني قبل أن تفقدوني ، سلوني عن علم السماء فاني اعلمها زقاقا زقاقا وملكا ملكا) فقال رجل من الحاضرين : حيث أدعيت ذلك يا ابن ابي طالب اين جبرئيل هذه الساعة فغطس قليلا وتفكر في الأسرار ثم رفع رأسه قائلا اني طفت السموات السبع فلم اجد جبرئيل واظنه انت ايها السائل فقال السائل : بخ بخ من مثلك يا ابن ابي طالب وربك يباهي بك الملائكة ثم سجى عن الحاضرين (٢).
اقول ويصدق هذا الخبر قول امير المؤمنين في بعض خطبه «اني بطرق السماء اعلم مني بطرق الأرض» (٣) ويزيل استبعاد النفوس الضعيفة عنه ما اوضحناه في مسألة توقف الامامة على النص حيث أقمنا هناك ادلة الحكمة والشرع على جواز الالهام لأولياء الله.
__________________
(١) ضرار بن ضمرة ـ وقد تصحف ضمرة الى حمزة ـ مولى أمّ هاني بنت ابي طالب ، وكان من اشد الناس حبا لعلي (عليهالسلام) واخلاصا له ، وقد روى بعض كلامه سلام الله عليه ومنه هذا الخبر الذي رواه كثير من حملة الآثار كابن عبد البر في الاستيعاب ٣ / ٤٢ بترجمة علي (عليهالسلام) وابو نعيم في الحلية ١ / ٨٤ والقالي في الأمالي ٢ / ١٤٣ والمسعودي في مروج الذهب ٣ / ٤٣٣.
(٢) نقله المؤلف عن مختصر مناقب الشافعي ولو نقل مثل في كتب الامامية لعد من الإسراف في الغلو.
(٣) نهج البلاغة من الخطبة ١٨٧.