الرابع : ان العباس بن عبد المطلب لما احتج على أبي بكر بمحضر جماعة من اصحابه كعمر وابي عبيدة كما في رواية طويلة ذكرها الخصم من كتاب الجوهري عن البرآء بن عازب حيث قال له : فان كنت برسول الله طلبت فحقنا اخذت ، وان كنت بالمؤمنين فنحن منهم ما تقدمنا في امركم فرطا ، ولا حللنا وسطا ولا نزحنا سخطا فان كان هذا الأمر يجب لك بالمؤمنين فما وجب اذ كنا كارهين ، وما ابعد قولك : انهم طعنوا فيك من قولك انهم مالوا أليك الى ان قال : واما قولك : ان رسول الله منا ومنكم فان رسول الله (صلىاللهعليهوآلهوسلم) من شجرة نحن اغصانها وانتم جيرانها ، واما قولك يا عمر انك تخاف الناس علينا فهذا الذي قدمتموه اوّل ذلك وبالله المستعان (١) ، لم يجبه هو ولا اصحابه بشيء بل تركوا الحجة واعرضوا عنها كأنهم لم يفهموها ، وكانوا في اوّل الكلام يحتجون بها على العباس ويقرعونه بها فلما أوردها عليهم وعرفوا انها له ولأهل بيته دونهم ضربوا عنها صفحا ولم ينقادوا لها ولا نزعوا عما هم فيه لأجلها ولاحتجوا الى العمل بها ، ومن يعرض عن قبول حجته التي يجادل بها على نفسه فهو بعدم قبول غيرها من الحجج اخلق ، والى الأعراض عن النص ورده اقرب ، وهذه المجادلة وقعت بعد بيعة ابي بكر بيومين والرواية صريحة في ان بني هاشم كانوا كارهين إمارة الرجل ومكرهين على بيعته ، فاين الرضا بخلافته واين رجوعه واصحابه الى الحجة والعمل بمقتضاها حتى يستنكر منهم كتمان النص ودفعه لو اورد عليهم؟
الخامس : ما رواه ابن ابي الحديد عن ابي بكر الجوهري قال : حدثني المغيرة بن محمد المهلبي من حفظه وعمر بن شبة من كتابه باسناد رفعه الى ابي سعيد الخدري قال : سمعت البرآء بن عازب يقول : لم أزل لبني هاشم محبا
__________________
(١) كذلك ١ / ٢٢١.