ترى ، ومن البين الذي لا شك فيه أن أمير المؤمنين (عليهالسلام) كان عالما بذلك من شأنهم ومطلعا عليه ، وكيف يخفى عليه من امرهم مع المعاشرة المطلعة على الحال ، ورؤيته منهم ما رأى سابقا ، وفي ذلك الوقت ما علمه ابن ابي الحديد من امرهم من جهة الرواية مع بعد المدة وتطاول الزمان ، فكان (عليهالسلام) قاطعا بانكارهم النص لو احتج به ابتداء وصرح لهم به ، أو القائهم بعض الشبه عليه كشبهة النسخ بأمر ابي بكر بالصلاة كما زعموا فلم يكن لذكر النص والحال هذه فائدة ، ولم تكن في احتجاجه به عليهم مصلحة اذ لا تقوم به عندهم له حجة لو ذكره ولو شهد به من هناك من شيعته كسلمان وابي ذر والمقداد وامثالهم ان جوزنا قدرتهم في تلك الحال على الشهادة لم يقبل القوم شهادتهم ولم يلتفتوا إليها لمخالفتها غرضهم ، وما ادتهم إليه آراؤهم ، فكان مقتضى الحكمة وموجب معرفة قواعد الخصوم ترك التعرض للنص لعدم الانتفاع به في المقام لانكار الخصم اياه ، والاتيان بحجة لا يستطيع الخصم انكارها ولا الطعن فيها ، فلذا عدل امير المؤمنين (عليهالسلام) عن الاحتجاج عليهم بالنص واحتج تارة باخوة النبي (صلىاللهعليهوآلهوسلم) ، واخرى بالأعلمية ، وكلاهما مما لا يمكنهم التشبيه فيه ، واحتج عليهم بالقرابة التي لا يسعهم انكارها ولا القدح فيها لأنها حجتهم التي دفعوا بها الأنصار عن الأمر وابطلوا بها دعواهم من حيث كانت هي النافعة له في المقام ، فما مثله في ذلك الا كرجل يدعي قبل آخر شيئا له على دعواه حجتان كل منهما تثبت دعواه منفردة وتوجب له ما ادعاه الا انه يقطع بانكار الخصم واحدة من الحجتين لو أوردها عليه ، أو ان يلقى عليها شبهة تدفع عنه الاحتجاج عليها بها والأخرى يأمن عليها من ذلك كله فان الواجب العدول عن تلك الحجة التي يخاف عليها ذلك المحذور وان كانت اقوى الى ذكر الحجة الأخرى التي لا يخشى عليها محذورا ، فالمانع لأمير المؤمنين من ذكر النص عليه خوفه انكار القوم اياه لعلمه ذلك منهم يقينا لا