في أبي بكر (وخليفتي في امتي) أليس قد كذب الكل بقوله المذكور ، وما زال هكذا بعض كلامه يكذب بعضا وقد بينا ذلك من اقواله مرارا لبيان تعصبه وعناده ، واعتذر ابن ابي الحديد عن عمر في ذلك وفي قوله ان النبي : يهجر بانه اخرج هذه الكلمات على مقتضى جبلته الخشنة وموجب طبعه الجاسي ، وما هو عليه من الجفاء والغلظة (١) وهذا الاعتذار عنه اثبات لقصوره عن المرتبة التي احلوه فيها لأنّه اذا كان مجبولا على الجفوة والخشونة ومطبوعا على عدم الروية والفطنة كما يقول ـ ابن ابي الحديد ـ لم يجز ان يكون خليفة للنبي (صلىاللهعليهوآلهوسلم) يبلغ عنه الى الأمة الاوامر والنواهي ويسوس الرعية ويؤدبهم وهو في تلك الحال محتاج الى سائس ومؤدب ، ومفهم ومقوم ، وقد قال ابن ابي الحديد في موضع من كتابه ان الخلافة نبوة مختصرة (٢) والأمر كما
__________________
الله ويدفع المؤمنون).
(١) شرح نهج البلاغة ١ / ١٨٣ و ٢ / ٢٧.
(٢) المصدر السابق ١٨ / ٦٤ قال هذه الجملة في كلمة لطيفة جدا قالها عند شرحه لكلام امير المؤمنين (عليهالسلام) واصفا معاوية (بالمستثقل النائم تكذبه احلامه) ننقلها بكاملها إتماما للفائدة ، قال : «فان معاوية لو رأى في المنام في حياة رسول الله (صلىاللهعليهوآلهوسلم) انه خليفة يخاطب بإمرة المؤمنين ، ويحارب عليا على الخلافة ، ويقوم في المسلمين مقام رسول الله (صلىاللهعليهوآلهوسلم) لما طلب لذلك المنام تأويلا ولا تعبيرا ، ولعده من وساوس الخيال ، واضغاث الأحلام ، وكيف وأنى له ان يخطر ذلك بباله وهو أبعد الخلق منه! وهذا كما يخطر للنفاط ان يكون ملكا ، ولا تنظرن الى نسبه في المناقب بل انظر الى (ان الامامة نبوّة مختصرة) وان الطليق المعدود في المؤلفة قلوبهم ، المكذب بقلبه وإن آمن بلسانه ، الناقص المنزلة عند المسلمين ، القاعد في اخريات الصف اذا دخل الى مجلس فيه اهل السوابق من المهاجرين ، كيف يخطر ببال احد انها تصير فيه ويملكها ، ويسمه الناس وسمها ويكون للمؤمنين اميرا ، ويكون هو الحاكم في رقاب اولئك العظماء من اهل الدين والفضل!! وهذا من اعجب العجب ان يجاهد النبي قوما بسيفه ولسانه ثلاثا وعشرين سنة ، ويبعدهم عنه ، وينزل القرآن بذمهم ولعنهم ، والبراءة منهم ، فلما