فقلت : (الحمد لله على ما وهب لنا من فضله) (١) وهذا الحديث صريح في ان القوم افتتنوا بعد رسول الله (صلىاللهعليهوآلهوسلم) ، وضلوا وعملوا بالرأي وحرفوا الكتاب ، وفعلوا جميع ما ذكره النبي (صلىاللهعليهوآلهوسلم) من استحلال المحرمات بالشبهات وهذا كله قبل تقلد علي الخلافة ، وانه مأمور بالجلوس في بيته وترك نزاعهم حتى يتقلد الأمر فحينئذ يقاتل ولا فتنة ولا ضلال بعد موت النبي (صلىاللهعليهوآلهوسلم) الى تخلف امير المؤمنين (عليهالسلام) الا بتأخيره عن الخلافة وتقدم غيره عليه ، فاذا لم يكن عليه نص خالفوه ، فمن اين جاءهم الضلال ووقعوا في الفتنة وعملوا بالرأي وفعلوا ما ذكر في الخبر ، فهو اصرح من الشمس الضاحية في رابعة النهار فيما قاله الامامية من ضلالتهم وذا مصداق قوله تعالى : (الم أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ) (٢) ـ ومن اعجب العجب قول ابن ابي الحديد ودعواه بعد نقل هذا الخبر صراحته في مذهب المعتزلة ظنا منه ان النبي (صلىاللهعليهوآلهوسلم) إنما عنى اهل الجمل وصفين (٣) وذلك من جملة غفلاته أو تغافله ، ولو فكر لوجد الخبر واضحا في ابطال مذهبه وفساد معتقده والله الهادي.
ومنها : ما رواه عن سدير الصير عن ابي جعفر محمد بن علي قال اشتكى على شكاة فعاده ابو بكر وعمر وخرجا من عنده فأتيا النبي (صلىاللهعليهوآلهوسلم) فسألهما من اين جئتما قالا : عدنا عليا قال : (كيف رأيتماه) قالا : رأيناه لما به فقال : (كلا ، انه لن يموت حتى يوسع غدرا
__________________
(١) شرح نهج البلاغة ٩ / ٢٠٦.
(٢) العنكبوت ٢.
(٣) شرح نهج البلاغة ٩ / ٢٠٨. قال : وفي قوله : «بمنزلة فتنة تصديق لمذهبنا ـ ويعني المعتزلة ـ في اهل البغي».