انتشار الجراد وشاع فيما بينهم الهلاك والفساد ، واما الكبرى فبالاجماع.
والجواب اما المنافع الكثيرة في نصب الامام فامر معلوم وكذلك ان حفظ النظام منوط به وبدونه يختل أمر الدين وليس هذا محل النزاع ، واما دعوى تفويض الله نصبه الى الأمة الذي هو موضع النزاع فغير مسلمة على انها هي مطلوبهم والدليل غير ناهض بها ولا واف باثباتها وانما غايته الدلالة على وجوب نصب امام يحصل به النفع ويدفع به الضرر ، وعلى هذا يكون لطفا فيكون واجبا على الله تعالى : ولم تكن فيه دلالة على جعل ذلك للعباد ، وهذا المعنى هو المتنازع فيه وأيضا دلّ الدليل على وجوب نصب الامام لاستجلاب المنافع ودفع المضار والمفاسد ، وفي تفويضه الى المكلفين عكس ذلك المراد ونقيض الوجه المطلوب لما ذكرنا سابقا من اختلاف الآراء في الاختيار وميل كل طائفة من الناس الى شخص بعينه غير من مالت إليه الطائفة الأخرى فيقع بين العباد الجدال والخصام ويختل به النظام المطلوب التئامه من نصب الامام وميل كل من الناس الى هواه واخذ كل منهم برأيه ومشتهاه ، لا سيما اذا كان له الخيرة في ذلك وهذا امر مشاهد بالعيان المستغني عن البيان وحصول الفساد بذلك أمر معلوم باللزوم وتسليم الخصوم وقد منعوا به من نصب امامين في زمان واحد ، ومن المعلوم لدى كل فاهم ان الاختلاف والفتنة اللذين نشأ منهما الفساد في هذه الأمة فسفكت الدماء وعطلت الحدود وغيرت الأحكام واختل نظام دين الاسلام انما كانا من جعلهم نصب الامام الى الخلق واختلافهم في الاختيار (١) فتبين ان في جعل تعيين الامام الى الرعية لزوم مفسدة تزول بها المصلحة التي وجب لأجلها نصب الامام وذلك غير جائز على الحكيم ، فالواجب لدفع المفسدة التي لا تحصل المصلحة الا به ان يكون الامام منصوبا من قبل من لا يجوز لأحد من الرعية مخالفته ولا
__________________
(١) قال الشهرستاني في الملل والنحل ١ / ٢٤ : «اعظم خلاف بين الأمة خلاف الامامة إذ ما سلّ سيف في الاسلام على قاعدة دينية مثل ما سل على الامامة في كل زمان».