من ايراد اقوال عمر بيان أنهم خالفوا نص النبي (صلىاللهعليهوآلهوسلم) على علي (عليهالسلام) بآرائهم واهوائهم وذلك اقرار منه بالمقصود واعتراف بالمطلوب ، فما زاد في عذره على ان اثبت حجتنا عليهم.
واما اعتذاره بخوف انتقاض العرب فقد اجبنا عنه مرارا بأوضح بيان ، ونزيد في هذا المقام فنقول له : اخبرنا أي العرب وأي الناس استشيروا في بيعة علي (عليهالسلام) فأبوها؟ أم أي العشائر والقبائل بلغهم ان المهاجرين والأنصار بايعوا عليا (عليهالسلام) فردوا بيعته ولم يقبلوها؟ وهل جاء منعه عن الخلافة إلا ممن حضر السقيفة ، وهل وهن امره عند الناس الا منهم ، وما آفته غيرهم ، فكيف ينسبون فعلهم الى سواهم ، ويحملونه غيرهم ، ثم لو سلمنا لك ما تدعى لاجبناك بان اللازم عليكم طاعة النبي (صلىاللهعليهوآلهوسلم) ومراعاة أمره وليس عليكم ان تضل العرب او تهتدي ، والله سبحانه يقول : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ) (١) فلم لا بايعتم عليا واطعتم الله ورسوله فيه وقاتلتم من خالفه حتى تذللوا له العرب فتستقيم له الأمور وتجتمع عليه الكلمة كما فعلتم ذلك حين بايعتم غيره؟ وما لكم عصيتم وبدأتم بالمخالفة لتوهمكم ان غيركم ربما يعصي؟ هذا كله مع ما في فعلكم من مخالفة قول النبي وحكمه باجتهادكم ومن جوز لكم ذلك وسوغكموه (آللهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللهِ تَفْتَرُونَ) (٢)
وأما اعتذاره بحب بني عبد المطلب فهو اوهن الأعذار وأوهاها ، فانه لم يقل أحد بأنه يشترط في الامام ان يبغض قرابته ويكره عشيرته ، فليس حب الامام ذوي قرابته قادحا في صحة إمامته حتى يكون ضده شرطا لها ، ولو كان ذلك قادحا في إمامة علي (عليه الصلاة والسلام) لوجب ان يكون قادحا في نبوة
__________________
(١) المائدة : ١٠٥.
(٢) يونس : ٢٩.