يفروا عنه في وقت تجرده لجلادهم ولا يلاقوه في معركة النزال ويتربصوا به ساعة شغله ووقت تلبسه بما يمنعه من مدافعة خصمه وكف عدوه كالصلاة والنوم فينتهزوا فيه الفرصة ويدركوا من قتله الأرب لعلمهم انه واحد لا حارس له ولا ممانع عنه ، وقد علمت ان عبد الرحمن بن ملجم قتله في صلاته مع علو كلمته واستمداد سلطنته ، وانقياد جيوش المسلمين الى أمره ، ووقوفهم على حدود طاعته ، لا سيما في مثل تلك الأيام من زمان خلافته فانه اجتمعت إليه كلمة اصحابه واستقام له أودهم ، فجمع الجموع وعقد الرايات ليسير بهم الى حرب معاوية ولم تكن بسطة يده وكثرة جنده مانعة من قتله في وقت اشتغاله بصلاته ، فكيف وهو واحد متفرد بنفسه وليس ابن ملجم باجرأ عليه من خالد بن الوليد والوليد بن عقبة وطلحة وعمرو بن العاص واسيد بن حضير وسالم مولى ابي حذيفة واضرابهم واشباههم ولا باشجع من احدهم ، ولا اشد بغضا لعلي (عليهالسلام) وحقدا عليه من واحد منهم ، فلا امتناع من اقتحام بعض هؤلاء او غيرهم او جماعة منهم عليه وقت نومه أو صلاته فيقتل حينئذ ولا مانع من ان ينازلوه أيضا فتلاقيه منهم شرذمة وتأتي من ورائه طائفة وقوم عن يمينه وآخرون عن شماله فيبلغون فيه الغرض ، وهو مشغول بجلاد الفرقة التي هي أمامه وجائز أيضا ان يلجئوا عند حملته عليهم الى الدور ، ويغلقوا الأبواب فيرمونه من أعلى السطوح بالسهام والحجارة من كل الجوانب فيصيبوه قبل ان يصل إليهم ، وكل هذا ممكن غير ممتنع وقريب غير بعيد ، فعلى هذا يكون قتاله اياهم منفردا تغريرا بنفسه وإلقاء بيده الى التهلكة ، وذلك غير جائز شرعا ومن المعلوم المقرر عند اهل العلم ان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واسترجاع المظلمة من الظالم يسقط وجوبه عند حصول الظن القوي بوصول الضرر الى النفس فكيف مع تيقنه؟ فلذلك لم يجز لأمير المؤمنين (عليهالسلام) ان يقاتل القوم وهو واحد ، بل الواجب عليه الكف حتى يحصل التمكن ففعل ما وجب عليه