وغيرها لم يكن عدولا عن نيته في قتاله ، ولا رجوعا عن ايثار قتاله ، ولا ترددا في عزمه المصمم على حربه ، ولكن لانتكاث عزم اصحابه ، وتكاسلهم عن اجابته ، وتثاقلهم عن الخروج معه الى حرب معاوية ، لأنه كان يحثهم على الشخوص ، ويوبخهم على القعود عن الجهاد ، ويقرعهم اشد التقريع كقوله لهم : (يا اشباه الرجال ولستم بالرجال) (١) وقوله : (وددت ان اصارف بكم معاوية اهل الشام مصارفة الدينار بالدرهم العشرة بواحد) (٢) وقوله (عليهالسلام) : (اذا دعوتكم الى الجهاد في الصيف قلتم يمنعنا الحر ، وإذا دعوتكم في الشتاء قلتم يمنعنا القر ، فاذا كنتم من الحر والقر تفرون فانتم من السيف افر (٣) وغير ذلك من شديد اقواله فيهم ، الى ان اجابوه واصفقوا اصفاقا واحدا على طاعته فعقد الرايات وصمم العزم على مناهضة معاوية بعد شهر رمضان فاغتاله ابن ملجم فتفرق الجمع ، وتشتت الكلمة ، ولله امر هو بالغه فما حاله في امره الأول والآخر الا واحدة يجاهد الظلمة عند وجود الناصر ، ويكف عنهم عند عدمه لا فرق بين حاليه ولقد كشف عن هذا المعنى قوله في خطبه الشقشقية : (اما والذي فلق الحبة وبرأ النسمة لو لا حضور الحاضر وقيام الحجة بوجود الناصر وما اخذ الله على العلماء الا يقاروا على كظة ظالم ولا سغب مظلوم لألقيت حبلها على غاربها ولسقيت آخرها بكأس اولها) (٤) يقول لو لا قيام الحجة على من الله بوجود الناصر على اقامة الحق واني مكلف بها عند القدرة لتركت قتال الناكثين والقاسطين والمارقين كما تركت جهاد ائمتهم السابقين.
الثالث ان عليا (عليهالسلام) وان كان على ما هو عليه من الشجاعة
__________________
(١) نفس المصدر الخطبة ٢٧.
(٢) أيضا الخطبة ٩٥.
(٣) أيضا الخطبة ٢٧.
(٤) أيضا الخطبة ٣.