الله عليه وآله وسلم) قد امر أبا بكر بالنفوذ كغيره في جيش اسامة ونهاهم عن تأخير المسير ، وحثهم على تعجيل الرحيل ، ولعن المتخلف من المأمورين عن الجيش ، وعلم انهم خرجوا من المدينة فكيف يجوز ان يصدر منه الأمر بصلاة حاضري البلد خلف ذلك الرجل المسافر الذي اوجب عليه في تلك الحال مفارقة البلد والبعد عنها وأي عاقل يخفى عليه التناقض الشديد والتمانع البعيد بين الأمرين ، وأي فطن يجوز صدور مثل هذا التناقض من عاقل فكيف يصدر عن سيد المرسلين وافضل المخلوقين حيث يقول لحاضري المدينة صلوا في مسجدي خلف فلان الذي اوجبت عليه المسير حالة الصلاة الى الشام ونهيته عن اللبث في المدينة أو يقول للرجل الذي هذا حاله احضر وقت الصلاة في المسجد وصل بالناس وقد حرمت عليك في ذلك الوقت دخول المدينة مضافا الى ان رواياتهم مصرحة بان أبا بكر وعمر كانا خارج المدينة في الوقت الذي ادعوا ان رسول الله (صلىاللهعليهوآلهوسلم) امر أبا بكر بالصلاة فيه ففي الرواية الي قدمناها بعد قول النبي (صلىاللهعليهوآلهوسلم) : (نفذوا بعث اسامة لعن الله من تخلف عنه) ويكرر ذلك ما نصه فخرج اسامة واللواء على رأسه والصحابة بين يديه حتى اذا كان بالجرف (١) نزل ومعه ابو بكر وعمر واكثر المهاجرين ومن الأنصار اسيد بن حضير (٢) وبشير بن سعد وغيرهم من الوجوه فجاءه رسول أمّ ايمن يقول له ادخل فان رسول الله (صلىاللهعليهوآلهوسلم) يموت فقام من فوره فدخل المدينة
__________________
(١) الجرف ـ بضم فسكون ـ : موضع على ثلاثة اميال من المدينة نحو الشام (معجم البلدان).
(٢) اسيد بن حضير الأنصاري الأوسي ، قال ابن الأثير بترجمته في اسد الغابة ١ / ٩٢ : «وكان ابو بكر الصديق (رضي الله عنه) يكرمه ولا يقدم عليه احدا» قال : «وله في بيعة ابي بكر اثر عظيم» قال : «توفي في شعبان سنة عشرين وحمل عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) السرير حتى وضعه في البقيع وصلى عليه».