فمندفعة بان الخضر موجود عندهم قطعا وهو لا يعرف بشخصه ، وذكر شيخهم الأكبر مسافر بن عربي ان الياس يجتمع مع الخضر عند سد يأجوج ومأجوج وفي مكة وعرفات ، روى ذلك عنه القرماني في تاريخ الدول ومن المتفق عليه انه لم يكن احد من الناس يعرف الخضر والياس بشخصيهما فما المانع ان يكون المهدي كذلك؟ ثم من المتفق عليه أيضا ان الدجّال موجود ولم يكن احد يعرفه بشخصه ولا ادعى احد من الناس معرفته فكيف يجوز ان يخفى الخضر والياس والدجال على الناس ولا يعرفون اشخاصهم ولا يجوز ذلك في غيرهم وهو المهدي لو لا التعسف وتمحل المحال ، وقد ورد في كلام امير المؤمنين (عليهالسلام) ما يصرح بوجود هذا الامام المنتظر واستتاره عن البشر وانه حجة الله على خلقه وخليفة انبيائه.
فمنه ما في خطبة اومي فيها الى الملاحم قال في جملتها : (هذا ابان ورود كل موعود ودنو من طلعة ما لا تعرفونه ، الا وان من ادركها منا يسرى فيها بسراج منير ، ويحذو فيها على مثال الصالحين ليحل فيها ربقا ويعتق فيها رقا ويصدع شعبا ويشعب صدعا في سترة عن الناس لا يبصر القائف اثره ، ولو تابع نظره ، ثم ليشحذن فيها قوم شحذ القين النصل يجلي بالتنزيل ابصارهم ، ويرمي بالتفسير في مسامعهم ، ويغبقون كأس الحكمة بعد الصبوح) (١) انتهى.
فانظر الى قوله (عليهالسلام) بعد ذكر اوصاف القائم (في سترة من الناس لا يبصر القائف اثره) فانك تراه اصرح شيء في مدعانا واوضح قول في مرامنا.
واما قول ابن ابي الحديد بعد اعترافه بدلالة الكلام على استتار هذا
__________________
(١) نهج البلاغة من الخطبة ١٤٨.