يطمئن الى كثير ممّا نقل فيه.
وليست لتلك البداية نهاية إلّا أن يشاء الله تعالى فما زلنا نقاسي آلام تلك الفتن والمحن ونتجرع مرارتها.
وعسيت أن تقول ـ كما قال بعضهم ـ : إذا كان الأمر كذلك فلما ذا «لا يسدّ هذا الباب ، لأنّ وجود الامام الذي ترتضيه الأمّة وتتفق عليه متعذّر ، لأنّ آراء الناس مختلفة ، وأهواءهم متباينة ، وقلوبهم شتّى ، وهذا يستدعي إثارة الفتن ، وقيام الحروب ، والتجربة التي مرّ بها الاولون يجب أن يعتبر بها التالون ، فاللازم ترك هذا الأمر والابتعاد عن هذا المحذور».
وهذا القول قد يروق لبعض الناس ، ويروونه جميلا في ظاهره لو لا الوقوع في محذورين :
الاول : فسح المجال للطغاة والمستبدين ليتحكّموا في رقاب الناس واعراضهم واموالهم ، ويحكموا فيهم بغير ما أنزل الله سبحانه.
الثاني : لزوم أمر الامامة ، إذ ليس للمسلم مندوحة عنها ، لأنّ أمر الإمامة لازم لا يكمل الدين ولا يتم الايمان إلّا به ، ولا يقوم الاسلام إلّا عليه ، لتعلق أمور الدنيا والآخرة بها ، لأن القرآن الكريم ينادي : (يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ) (١) والنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول : (من مات ولم يعرف امام زمانه مات ميتة جاهلية) والله لا يريد أن يطبّق في الارض إلّا حكمه (إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ) (٢). (وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ) (٣). (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ ... عَلَيْهِمْ
__________________
(١) الأسراء : ٧١.
(٢) الانعام : ٥٧ ، يوسف : ٤٠ و ٤٧.
(٣) المائدة : ٥٠.